توقعات البنك الدولي حول تباطا  النمو الأقتصادي العالمي ونصائح للمعلمين حول تشات جيبي تي 

ثلاثاء, 06/13/2023 - 14:50

 

من المتوقع أن يسجل النمو العالمي تباطؤا كبيراً في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وتشديد السياسة النقدية، وزيادة الشروط المقيدة للائتمان. ويمكن أن تؤدي إمكانية حدوث اضطرابات مصرفية أوسع نطاقاً وتشديد السياسة النقدية إلى ضعف النمو العالمي، وأن تؤدي إلى اختلالات مالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الأكثر تعرضاً للمخاطر. ومن الضروري اتخاذ إجراءات شاملة على صعيد السياسات لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي. وفي العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، لاسيما البلدان منخفضة الدخل، ستتطلب استدامة المالية العامة زيادةَ الإيرادات، وزيادةَ مستوى كفاءة الإنفاق، وتحسينَ إدارة الديون. ولا يزال التعاون الدولي حيوياً من أجل التصدي لتغير المناخ، ومساندة السكان المتضررين من الأزمات والجوع، وتخفيف أعباء الديون حيثما دعت الحاجة.

التوقعات العالمية

من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي في عام 2023 إلى 2.1%. ومن شأن تشديد الأوضاع المالية العالمية وتراجع الطلب الخارجي أن يؤثرا على معدلات النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. وتشمل مخاطر التطورات السلبية زيادة الضغوط المصرفية على نطاق واسع وتشديد السياسة النقدية. ومن الضروري التعاون العالمي لتعزيز إصلاح اللوائح التنظيمية المالية، وتخفيف حدة تغير المناخ، وتخفيف أعباء الديون. ولا تزال مصداقية البنوك المركزية بالغة الأهمية لاستقرار الاقتصاد الكلي. ويمكن إعادة بناء الحيز المالي تدريجياً عن طريق زيادة كفاءة الإنفاق وتعبئة الإيرادات المحلية. ومن أجل عكس مسار تباطؤ النمو المحتمل سيتطلب الأمر إجراء إصلاحات لتعزيز كلٍ من رأس المال المادي والبشري، وجانب العرض من الأيدي العاملة، وإنتاجية الخدمات والتجارة.

التوقعات الإقليمية

 

تواجه مناطق الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية على الأرجح مزيجاً من المصاعب العالمية السلبية. ومن المتوقع أن ينتعش النمو في عام 2023 في مناطق شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وآسيا الوسطى، حيث تحفز إعادة فتح أبواب الاقتصاد الصيني عمليةَ التعافي، جنباً إلى جنب مع تحسن آفاق النمو في العديد من الاقتصادات الكبيرة. وعلى النقيض من ذلك، من المتوقع أن تتراجع معدلات النمو في جميع المناطق الأخرى توازياً مع ضعف الطلب الخارجي، وتشديد الشروط المالية العالمية، وارتفاع معدلات التضخم التي تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي. وفي العام المقبل، من المتوقع أن ينتعش النمو في معظم المناطق مع انحسار موجة التطورات المعاكسة. ويعد احتمال حدوث مزيد من الضغوط المالية العالمية واستمرار التضخم المحلي من بين مخاطر التطورات السلبية التي تهدد الآفاق المستقبلية لجميع المناطق. كما تُعد التوترات الجيوسياسية والصراعات والاضطرابات الاجتماعية والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ أيضاً من بين مخاطر التطورات السلبية.

 

شرق آسيا والمحيط الهادئ: من المتوقع أن يرتفع النمو إلى 5.5% في عام 2023 ثم ينخفض إلى 4.6% في عام 2024. للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة الإنجليزية).

أوروبا وآسيا الوسطى: من المتوقع أن يسجل النمو ارتفاعاً طفيفاً ليصل إلى 1.4% في 2023 قبل أن يرتفع إلى 2.7% في 2024. للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة الإنجليزية).

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.5% في 2023 قبل أن يتعافى ليسجل 2% في 2024. للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة الإنجليزية).

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 2.2% في 2023 قبل أن ينتعش ليحقق 3.3% في 2024.   للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة العربية). 

جنوب آسيا: من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 5.9% في 2023 وبعدها إلى 5.1% في 2024. للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة الإنجليزية). 

أفريقيا جنوب الصحراء: من المتوقع أن يتراجع النمو إلى 3.2% في عام 2023 ثم يرتفع إلى 3.9% في عام 2024. للمزيد من المعلومات، انظر "عرض عام عن المنطقة" (باللغة الإنجليزية).

كيفية استخدام تشات جي بي تي لمساعدة المعلمين: ثلاثة خيارات بين الغَثِّ والسمي

يمتلك تطبيق تشات جي بي تي "GhatGPT" المقومات اللازمة لاستخدامه كأداة لمساعدة المعلمين وتحسين العملية التعليمية، لكن يتعين على واضعي السياسات العامة تجربة استخدامه بحذر. حقوق الطبع والنشر: روبو وندركيند/أنسبلاش

تشات جي بي تي 3.5- هو روبوت دردشة (chatbot) بالذكاء الاصطناعي - تم طرحه للجمهور في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وقد لا نكون مبالغين إن زعمنا أن لديه القدرة على إحداث ثورة في أنظمة التعليم. في الوقت الراهن، من غير الواضح بالضبط كيف سيؤثر تشات جي بي تي على قطاع التعليم، لكن يبدو جلياً أنه سوف يمثل تهديداً بل وسيغير قواعد اللعبة في آن واحد. نعم هناك دائماً المتشككون في جدوى وغرض مثل هذه التقنيات الحديثة، وقد حاولوا بالفعل حظر استخدام تشات جي بي تي في المدارس، لكن على الجانب الآخر هناك من يدعوا لتجربته، ويرون أنه بمثابة "الحل السحريّ" لمجموعة من تحديات التعليم في جميع أنحاء العالم.

وللمتشككين الذين يرون بأن روبوت الدردشة هذا المعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي يضر بعملية التعلم أيّما ضرر، فمن الإنصاف أن نقول إنه قد أخلّ ولا يزال بأدوات التعلم التقليدية التي استخدمها المعلمون لعقود (على سبيل المثال، كتابة المقالات ومراجعتها). والسؤال التالي قد يكون مزعجاً للبعض بالتبعية: هل يمكن لـتشات جي بي تي أن يكون عنصراً مكملاً لمنظومة أداء المعلمين، أو حتى يحل محلهم تماماً، وذلك في ضوء وجود نقص في معلمي المرحلتين الابتدائية والثانوية على مستوى العالم يقدر بنحو 69 مليون معلم؟

لا شك إن إطلاق تشات جي بي تي قد أظهر إمكانات التكنولوجيا في تحسين بعض الأنشطة والمهام التي يُكلف بها البشر في أثناء مباشرتهم وظائفهم، بل وأدائها بالكامل نيابة عنهم في بعض الحالات. وهنا نتساءل مجدداً، هل سيكون المعلمون - الذين يعتبرون عنصراً أصيلاً في تعلّم الطلاب وصالحهم العام، بل ونجاحهم على المدى الطويل - الاستثناء في هذه المعادلة؟ هل يمكن حقاً لروبوت الدردشة هذا إكمال المهام التي يقوم بها المعلمون حالياً بشكل مستقل؟ وإن كان الأمر كذلك، فما هي المخاطر المرتبطة بنشر مثل هذه التقنية؟ كيف يمكن للمعلمين استخدام تشات جي بي تي لتعزيز أساليبهم التعليمية و/أو رفع كفاءة مهام معينة؟

الفرصة: استخدام تشات جي بي تي كأداة مساعدة

فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تشجيع واضعي السياسات للمعلمين على استخدام تشات جي بي تي.

تحسين طرق إعطاء الدروس.. يتمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المعلمين في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في تحويل المنهج الدراسي المكثف إلى دروس تجذب الطلاب. يمكن للمعلمين استخدام تشات جي بي تي في ترجمة أهداف التعلم إلى مخططات دروس جذابة وتفاعلية، أو في استقاء أفكار جديدة لإعداد الحصص الدراسية، أو صياغة مهام أو تقييمات جديدة. كما يمكن أن يساعد تشات جي بي تي في إعداد الدروس وضمان كفاءتها، ولكن ليس في شرحها فعلياً للطلاب. وعلى هذا النحو، سيحتاج المعلمون دائماً إلى الكفاءة التعليمية التربوية لشرح الدروس بجودة عالية.

وضع أسئلة التقييم. يمكن للمعلمين استخدام تشات جي بي تي لتحسين أسئلة التقييم وإنشاء أسئلة وعناصر متعددة الاختيارات. يمكنهم أيضاً استخدامه كمدخل لتشجيع مهارات التفكير الرفيعة، من خلال توفير تلميحات أو اقتراحات لأسئلة المقالات والواجبات العملية. ويمكن للمعلمين استخدام أنواع مختلفة من التقييم التي بوسعها مساعدة الطلاب على تطوير التفكير النقدي وحل المشكلات والمهارات التعاونية.

المساعدة عندما تكون الحواجز اللغوية عائقاً. على الرغم من أنه سيكون من المثالي للبلدان ضمان إلقاء المعلمين الدروس بلغتهم الأم، فإن الواقع يشير إلى أن بعض الأنظمة التعليمية - وإن كانت هناك شواهد وأدلة تشير إلى عكس ذلك - تبتعد عن التدريس باللغة المحلية وتستبدلها باللغة الثانية (أي الإنجليزية). وفي هذه السياقات، نجد أن المعلمين غير ملمّين أيضاً باللغة الإنجليزية على نحو كافٍ، ويجدون صعوبة في التدريس بلغة لا يجيدونها. وفي هذا المقام، يمكن أن يكون روبوت الدردشة بمثابة أداة لتحسين الكفاءة اللغوية للمعلمين، ومساعدتهم على التدريس والشرح بشكل أكثر فعالية بلغتهم الأم أو بلغة أجنبية أخرى. على سبيل المثال، تزعم منصتا Duolingo وجي بي تي GPT أنهما تقدمان دروساً شخصية للغاية في اللغات بأسعار معقولة وسهلة المنال.

تقديم دعم إضافي للطلابيمكن للمعلمين استخدام تشات جي بي تي لتنمية حب الاستطلاع والمعرفة لدى الطلاب، ومن ثم ابتكار أفكار جديدة لواجباتهم المنزلية. فأدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة بشكل خاص عندما تحدد معلومات المصدر الذي تستقي منه أجوبتها المستخدمة في الدردشات. لكن الخطر يكمن في أنه بدلا من طلب بعض المساعدة، يطلب الطلاب من روبوت الدردشة إكمال الواجب المنزلي بالكامل نيابة عنهم. وبالإضافة إلى تعليم النزاهة، يمكن للمعلمين التصدي لهذا الخطر بمناقشة أوجه القيود والقصور المتعلقة بهذه الأدوات الجديدة (انظر مخاطر الخصوصية أو التحيز لصالح إجابات معينة أو الهلوسة بإعطاء إجابات مغلوطة). وأخيراً ينبغي للمعلمين توجيه انتباههم نحو الأسئلة التي لا يستطيع تشات جي بي تي الإجابة عنها. وهي الأسئلة التي تتطلب معرفة معينة خارج نطاق بيانات تدريب روبوت الدردشة، كالانفعالات الإنسانية أو المنظورات الذاتية غير الموضوعية.

تقدير درجات التقييمات والأوراقيمكن استخدام تشات جي بي تي للتقدير الأتوماتيكي لدرجات اختبارات الاختيار من إجابات متعددة/إجابة واحدة، كما يمكنه أيضاً مساعدة المعلمين على تقدير الدرجات استناداً إلى معايير معينة. ويمكنه إنشاء مجموعة بيانات قوية للمعلمين لتحليل مستويات تعلم الطلاب والتمييز بينها بشكل أدق. ولهذا عواقب محتملة غير مقصودة على انخفاض الدقة وسوء التصحيح أو المراقبة الإيجابية الخاطئة (الإبلاغ عن غش الطلاب من باب الخطأ). وعند النظر في أنظمة المراقبة أو تقدير الدرجات، من الأهمية الحاسمة اتخاذ تدابير لضمان عدالة ومساءلة وسرية وشفافية خوارزمياتها كلما دعت الحاجة إليها.

التدريس للطلابيمكن للمعلمين استخدام تشات جي بي تي لتقديم خدمات التدريس عبر الإنترنت للطلاب. وهذا يمكنه أن يوفر للطلاب مساعداً تكيفيّاً للتعلم "بالمجان" وذلك بالتكيف مع احتياجات تعلم هؤلاء الطلاب، لا سيما في السياقات التي يكون فيها المعلمون مسؤولين عن طلاب كثيرين وليس لديهم مجال متاح لتكييف طرق تدريسهم وفقاً لاحتياجات كل طالب على حدة. فوفقاً لأكاديمية خان، يستطيع جي بي تي إرشاد الطلاب في أثناء سيرهم في المقررات الدراسية. وما زالت هذه تكنولوجيا في بواكيرها، ومن المهم أن نجمع المزيد من الشواهد ونفرض إشرافاً استباقياً على نطاق واسع. ويخاطر التدريس الخصوصي غير الخاضع للإشراف بإلحاق ضرر غير مقصود بالطلاب، حيث لا يستطيع تشات جي بي تي "اختلاق الأشياء" فحسب، بل يمكنه أيضاً أن يودي إلى إجراء محادثات مزعجة.

خلاصة القول: 5 نقاط محورية تهم واضعي السياسات

إن قطاع التعليم بحاجة إلى إعداد الطلاب لمشهد متغير. ومن المستبعد أن يكون حظر تشات جي بي تي حلاً مثمراً لأن هذه التكنولوجيا بدأت تحقق انتشاراً متزايداً . وبالمثل فإن منع الطلاب من استخدام الإنترنت خطوة غير عملية؛ حيث إنها جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية. وينبغي أن ينصبّ تركيز واضعي السياسات على استخدام تشات جي بي تي على النحو الأكثر فعالية.

ويمكن أن يتيح تشات جي بي تي فرصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، على الرغم من أن واضعي السياسات سيلزمهم ضمان وصول جميع المستخدمين إلى البنية التحتية الحيوية وتمتعهم بمهارات رقمية متقدمة. وعلى أقل تقدير، ينبغي على واضعي السياسات الالتزام بهذه القواعد الأساسية إذا كانوا يخططون لدمج تشات جي بي تي في نظامهم التعليمي.

جمع المعلومات: ينبغي على واضعي السياسات أولاً فهم ما إذا كان المعلمون والطلاب يستخدمون تشات جي بي تي حالياً وكيف يستخدمونه، وذلك قبل اتخاذ قرار بشأن أي سياسة من شأنها التأثير على استخدامه. ينبغي أن يكون المعلمون أيضاً جزءاً من عملية اتخاذ القرار لتقرير كيفية استخدام تشات جي بي تي؛

إعادة النظر في المهارات الرقمية: كحد أدنى، ينبغي على واضعي السياسات ضمان أن يطور جميع المستخدمين مستوى معيناً من "الوعي الخوارزمي" لفهم تحديات المعلومات المضللة والتداعيات الأخلاقية الأخرى. فعلى سبيل المثال، سيحتاج المعلمون إلى تدريب واضح على كيفية فهم هذه التكنولوجيا واستخدامها؛

رفع مستوى الوعي: على صعيد متصل، وفي إطار هذه التدريبات، ينبغي على واضعي السياسات نشر معلومات بين جميع المستخدمين عن محدوديات وقصور هذه التكنولوجيا، بما في ذلك الانحيازات المتأصلة، والبلدان التي تشهد قصوراً في التمثيل، واللغات، وما إلى ذلك، مع التأكيد على نقص الشواهد المتاحة على فائدة هذه التكنولوجيا في العملية التعليمية؛

مساءلة مزودي التكنولوجيا: هذه التكنولوجيا آخذة في التغير بسرعة، وسيكون من الصعب إخضاعها للتنظيم. ومع ذلك ينبغي على واضعي السياسات مساءلة مزودي هذه التكنولوجيا وتقييم كيفية منع إساءة استخدامها دونما إبطاء. والتنظيم هو السبيل؛ حيث إن تشات جي بي تي له حالياً تداعيات غير معروفة على عملية التعليم والتعلم، وبالتالي يمكن أن يكون نافعاً أو ضاراً أو كلاهما للعملية التعليمية على حد سواء؛

ضمان استمرار المعلمين في الإشراف على الطلاب: أخيراً ولعله الأهم، فعند استخدام تشات جي بي تي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأطفال، ينبغي على المعلمين الانخراط بنشاط في عملية التعليم والتعلم لضمان أن يستخدم الطلاب هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول وآمن.

ومع أخذ النقص الحالي والمستقبلي المحتمل في المعلمين بعين الاعتبار، من المرجح أن هناك عدداً ليس بالقليل من واضعي السياسات سيميلون إلى استبدال هذه التكنولوجيا بالمعلمين النظاميين أو المعلمين الخصوصيين. وكما هو الحال مع التكنولوجيا الموجودة من قبل، فإن روبوتات الدردشة هذه تتمتع بإمكانية استخدامها كأداة لدعم المعلمين لكن يجب على واضعي السياسات تجربة استخدامه بحذر. ومن أجل فهم كيفية استخدام هذه التكنولوجيا بشكل أفضل لتحسين التدريس، ومن ثمّ تحسين تعلم الطلاب، يلزم وجود قاعدة شواهد مطورة.

الصكوك هي أوراق مالية قابلة للتداول. وهي مدرجة في البورصات الرئيسية في مختلف أنحاء العالم ويجري تسويتها من خلال أكبر أنظمة المقاصة الدولية للأوراق المالية. وهي، بعبارة أخرى، أدوات سوق رأس المال بنفس الطريقة التي تستخدم بها الأسهم والسندات. وبطبيعة الحال، فهي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، فإن تصميمها بحيث تكون ملائمة للمستثمر المسلم لا يغير من طبيعتها الأساسية. ففي نهاية الأمر، لا تزال تسلا سيارة، حتى لو تم تصميمها لتجتذب نوعا معينا من الأشخاص.

وعلى الرغم من أن الصكوك هي أوراق مالية في معظم المراكز المالية الرئيسية، من نيويورك إلى طوكيو، فإنها لا تعامل بوصفها جزءا عاديا من أسواق رأس المال. في الواقع، يبدو أنه يُنظر إليها على أنها شيء غريب للغاية. ومن المرجح فإن أي شخص يتصل بإدارة أسواق رأس المال في أحد البنوك في إحدى تلك المدن بشأن الصكوك سيتم تحويل مكالمته إلى مكتب البنك في دبي قبل البت في طلبه.

واعتبار الصكوك غريبة قد يكون أمرا جيدا للشركات في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، إذا افتتح شخص مطعما مغربيا في ويتشيتا، كانساس، فإن العلامة "الغريبة" قد تساعد في جذب الفضول لأكل الطعام الغريب في تلك المنطقة. ومع ذلك، ففي أسواق رأس المال، نادرا ما يكون الشيء الغريب أمرا جيدا. وعادة ما تأتي هذه السمعة بتكلفة، لأن المستثمرين إما يتجنبون المنتجات التي تعتبر غريبة أو يتم الاشتراط أن يدفعوا علاوة.

وهناك أسباب مختلفة لتبرير معاملة الصكوك كشيء غريب داخل عائلة منتجات سوق رأس المال. وأكثر هذه الأسباب شيوعا هي أن الصكوك (1) شديدة التعقيد و(2) أدوات الأسواق الناشئة فقط.

وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، بشأن التعقيد، من المؤكد أن الوثائق القانونية للصكوك يمكن أن تكون طويلة. غير أن الحجة المؤيدة لمعاقبة الصكوك على تعقيدها لا تكون منطقية إلا إذا كانت السندات غير معقدة بالمقارنة. ولكن في الواقع، فإن وثائق السندات كثيرة التفاصيل هي أيضا. وإذا اضطرت مجموعة من الشعراء الذين ليس لديهم خلفيات مالية إلى قراءة كامل عقد السندات وكامل العقد الأساسي للصكوك، فقد يخلصون إلى أن السندات هي الأدوات الأكثر تعقيدا بكثير.

في الواقع، فإن سبب اعتبار الصكوك معقدة في جانب كبير منه يرجع إلى استخدام كلمات عربية مثل إجارة ijara و مضاربة mudarabah . ولكن إذا استطاعت أسواق رأس المال التكيف مع مصطلحات أخرى غريبة مثل القوة القاهرة، والتكافؤ، والتهرب، فيمكنها بالتأكيد إفساح المجال أمام وجود بعض كلمات عربية متناثرة هنا وهناك. وعلى أية حال، فإن المبادئ التعاقدية التي تمثلها هذه الكلمات (مثل عقود الإيجار والشراكة) مألوفة جدا لأي ممارس في المجال المالي.

ويلعب استخدام الكلمات العربية أيضا دورا في النقطة الثانية، وهي الاعتقاد بأن الصكوك هي في الأساس منتج مقتصر على الأسواق الناشئة. فمن منظور مكتب تجاري في نيويورك أو لندن أو طوكيو، ما الذي يمكن أن يبدو أكثر ارتباطا بالأسواق الناشئة من منتج يتضمن مبادئ الشريعة الإسلامية ويستخدم بعض المصطلحات العربية؟ بالتأكيد أن العديد من مصدري أدوات أسواق رأس المال من الأسواق الناشئة يلجأون للتمويل باستخدام الصكوك، التي يشتريها كثير من المستثمرين في الأسواق الناشئة. ولكن هذه الحقائق وحدها لا ينبغي أن تعرف الأداة نفسها على أنها أداة خاصة فقط بالأسواق الناشئة. في نهاية الأمر، هناك عدد من الشركات المدرجة في كل من البورصة الوطنية للهند وبورصة شنغهاي للأوراق المالية يزيد عن المدرج في نيويورك أو لندن ، ولكن هذا لا يعني أن الأسهم هي الآن منتج خاص بالأسواق الناشئة.

وعلاوة على ذلك، فإن غالبية الصكوك الدولية ليست أدوات تقليدية الأسواق الناشئة على الإطلاق. وتُصدر معظمها الجهات السيادية، والشركات فوق الوطنية، والمؤسسات المملوكة للدولة، والشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تتمتع بتصنيف ائتماني مرتفع. كما قام عدد من كبار المصدرين الغربيين، مثل المملكة المتحدة ولوكسمبورج وصندوق التمويل الدولي للتحصين (هو منظمة دولية منظمة تعمل كمؤسسة خيرية في المملكة المتحدة) بتنفيذ إصدارات من الصكوك.

بعبارة أخرى، غالبا ما لا يكون التصور واقعا عندما يتعلق الأمر بالصكوك. فكثير من الأطراف الفاعلة في الأسواق المالية تشطبها باعتبارها أدوات معقدة للغاية، وهي أدوات متداولة دون النظر إلى أنها في الأساس مجرد أوراق مالية. ومثلما ينظر من ينكر تغير المناخ إلى عاصفة ثلجية، يركز أولئك على بعض العوامل السطحية للمنتج، مثل استخدام المصطلحات العربية، ويفوتهم الواقع الأساسي المتمثل في أن الصكوك يمكن أن تكون أداة قيمة للغاية لأسواق رأس المال.

وبالنسبة للمستثمرين الدوليين، فإن تجاهل الصكوك يأتي بتكلفة، حيث يقدم لهم المنتج تنويعا في الائتمانات وقصصا ائتمانية عظيمة . فالبنك الإسلامي للتنمية، على سبيل المثال، مؤسسة فوق الوطنية تهدف إلى تشجيع النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام في البلدان الأعضاء فيه، ويصدر سنويا عدة مليارات من الصكوك الممتازة من الفئة AAA. وينبغي لأي مستثمر ذي دخل ثابت مرتفع له اهتمام بالاستدامة أن يدرس هذه الصكوك باعتبارها أصولا قيمة لتنويع أصول حوافظه.

باختصار، مثلها مثل الأسهم والسندات، فإن الصكوك هي ببساطة نوع من الضمانات القابلة للتداول. وهي لا تحمل جنسية محددة، ولا يقصد بها نوع معين من المؤسسات. وستستفيد أسواق رأس المال الدولية إذا تم الاعتراف على نطاق أوسع بالطبيعة الأساسية للصكوك كأداة مفيدة وتنويعية .

 

 

البنك الدولي

على مدار الساعة

فيديو