
يروى أن رجلا بالكوفة اشترى دارا منزل فى حي راقي بمدينة الكوفة فذهب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فرحا وقال له يا أمير المؤمنين أني اشريت دارا هناك واريدك أن تكتبها لي بيدك الشريفة فتبسم امير المؤمنين علي ورأي أن الرجل استهوته الدنيا وزينتها وهو لا يريد لأصحابه إلا الدار الآخرة لأنها هي الباقية أما الدنيا فهي زائلة وليست دار قرار ولا ينبغي للإنسان أن يفتتن بها ولا أن يجعل منها دار بقاء
فكتب علي له هذه الأبيات
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت
إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ
مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها