
الثقافة لها أسس وجذوع ولها درن وقشور ومن يهتم بدرنها وقشورها ويترك أسسها وجذوعها لن يحصل منها إلا كما يحصل العصفورة من بركة المياه إن العلم والبحث والتفكير الجيد وتحصيل المعارف المتنوعة هما أسس الثقافة التى ترتكز عليها ولا يمكن لهذه الأسس أن تتم فى بلد مادام المتعلمين فيه بلا عمل وبلا دخل وبلا قيمة عند المجتمع وعند سلطاته التى من خلالها تمنح القيمة المادية والمعنوية للأفراد
أما قشور الثقافة ودرنها التى لا تقدم الأمم فهي تلك التى تعتمد على الفولكلور وشكليات العوائد وتجعل منه ثقافة الأمة
عندما اشتغلت الأمم السابقة بالرقص والغناء وتركت العلم تحصيلا ودراسة وبحث وجمع وتأليف فقدت وجودها واندثرت فالرقص والغناء مجرد توابل تساعد على هضم العلم والمعرفة كما تساعد التوابل على هضم الطعام ولما كانت التوابل لا تغني عن الطعام لكونه هو جوهرة الغذاء الرئيسية فإن الفنون الجميلة لا تغني عن العلم والمعرفة فى شيء ولا يمكن أن تحل محلها فى النظام الحضاري إن الولع باللعب وبالرقص والغناء تتقاسمه الحيوانات البرية مع اشباهها من البشر وتتمسك به الكلاب الصغار والذئاب والجرائر من البهم والمفترسات والقرود وهذا النوع من الممارسة لا يبني عقلا ولا يحصل علما ولا ينفع فى مسألة البناء الحضاري لأي بلد ولا ينبغي أن تكرس الجهود عليه ويصبح من أولويات الأنظمة فى العالم
لقد رأينا مدى فساد نظامنا فى مسألة إقامة المهرجانات الشعبية والفولكلورية هذه المهرجانات نحن لسنا ضدها من حيث إقامتها فى بعض الأحيان وليس كل الأحيان وإنما ضد الطريقة التى تنظم بها بحيث تكون مصممة على وجود شخص والتملق له وتقديم الهدايا له وإطائه بالشكر والمديح فهذا بحد ذاته مفسدة للبلد وللدين وللمال ولا تفيد الثقافة ولا التاريخ ولا الحضارة ولا العلم فى شيء إن سياسة التملق للحكام والنفاق لهم آن لها أن تتوقف فى بلادنا فالرئيس مع أحترامنا له ليس ربا يعبد من دون الله تقام له هذه الأحتفالات التى تكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة جدا إما هو فرد من هذا المجتع كلفه عندما أنتخبه أو عينه بترقيته ورعايته وإصلاح مفاسده وإدارة شئونه فيما ينفعه ويقدمه ولا يؤخره ولا يعطي لبعضه اكثر مما ليس له ولا يمنع بعضه من حقه يحكم البلد فترة معينة مقابل مخصصات معينة من مال الشعب فإن عدل وأنصف واصلح وقام بمسؤولية كاملة على أحسن وجه فله أجره فى الدنيا والآخرة وإن خان وافسد وحبا وغش فعليه وزر ذلك فى الدنيا ولاخرة .
