
تسعى السلطات الموريتانية لضبط الأسعار وتجاوز شهر رمضان دون أزمات كبيرة في ظل تزايد الشكاوى من المواطنين والنشطاء السياسيين من موجة غلاء ومضاربات عمقت مشاكل محدودي الدخل.
وأغلقت وزارة التجارة الموريتانية، الثلاثاء، عددا من المجمعات التجارية بالعاصمة إثر مخالفات متعلقة بالمضاربة بالأسعار، وذلك بعد أيام من احتجاج عدد كبير من السياسيين على "ارتفاع الأسعار في رمضان".
ويأتي ذلك رغم أن الحكومة الموريتانية أطلقت خطة لتدبير "عملية رمضان" هذا العام، ووعدت بتوفير المواد الغذائية الأكثر استهلاكا بـ "أسعار مناسبة" من خلال تأمين احتياجات السوق ومحاربة المضاربة بالأسعار.
ومنذ نحو أسبوعين، وأطراف سياسية وشعبية عدة تشتكي "المضاربات في الأسعار" خلال شهر رمضان، داعية الحكومة للتدخل والاهتمام بـ "المواطن البسيط" وسط تساؤلات عن مدى فعالية الإجراءات التي اتخذتها.
"ضعف في التنفيذ"
وفي حديث مع "أصوات مغاربية"، أرجع الخبير الاقتصادي عبد الرحمن سيدي، المشاكل التي تشهدها السوق الموريتانية لعدة أسباب من بينها "ضعف تنفيذ الخطط المعلنة وإفلات الكثير من المضاربين بفعلتهم في ظل ضعف الرقابة".
ودليلا على وجود "مشاكل" في منظومة الرقابة على الأسواق، قال الخبير الاقتصادي إن موريتانيا "لا تعاني مشاكل تضخم مبنية على مؤشرات اقتصادية"، مستشهدا ببيانات حديثة أصدرها صندوق النقد الدولي بخصوص البلد.
وكان صندوق النقد الدولي قال في توقعات حديثة إن نسبة النمو الاقتصادي بموريتانيا سترتفع خلال العام الحالي إلى ٤.٣ في المئة مقابل 3,4 في ٢٠٢٣، بفعل تباطئ التضخم وتشديد السياسة النقدية.
وفي السياق، توقع رئيس "الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين (رسمي)، زين العابدين ولد الشيخ أحمد، أن تسجل أسعار الخضروات انخفاضا بنسبة تتراوح بين 35 و100 في المائة فيما تبقى من العام الجاري.
وردا على ذلك أبدى سيدي، استغرابه من مستويات الرقابة على الأسواق إذ "لا تسير بشكل جيد"، بشكل يتنافى مع "الخطط الحكومية" رغم الحديث الدارج عن "طفرة في الإنتاج الزراعي والمحلي".
"إنتاج محلي لا يغطي الطلب"
من جانبه يتفق الخبير الاقتصادي البناني خليفة، مع الطرح القائل بوجود "مشاكل على مستوى الرقابة في الأسواق"، لكنه يرجع ارتفاع الأسعار بشكل أساسي لـ "عجز العرض عن تلبية الطلب الكبير".
وأضاف خليفة في اتصال مع "أصوات مغاربية" أن الإنتاج المحلي الموريتاني من السلع الرئيسية "لم يتمكن بعد من تغطية حاجيات السوق " خصوصا في موسم رمضان "الذي يحفز الطلب على المواد التموينية".
وتوائم هذه التصريحات ما ذهب له المتحدث الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الناني ولد اشروقة، إذ قال مطلع مارس الجاري إن السبب في الزيادة غير المتوقعة للأسعار في رمضان راجع لـ "ارتفاع الطلب".
في هذا الصدد، اعتبر خليفة، أن أصحاب القرار الاقتصادي "هم المسؤولون عن دراسة وضع السوق وبناء السياسات على كل الاحتمالات"، وشدد على أن الحكومة لا يمكن أن "تبرر" ارتفاع السعر بزيادة الطلب إذ كان الجنوح إلى "ضخ السلع لمواجهته" ممكنا.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "التعويل على الإنتاج المحلي مسألة أمن قومي"، لكنه قرار يجب أن تصحبه سياسات "تراعي مصالح الطبقات الضعيفة من المجتمع وتسهم في التحكم بأسعار السوق المحلية التي مازالت تتأثر بالواردات بشكل كبير".
وكانت بيانات للبنك الدولي حول هذا البلد المغاربي، كشفت أن نسبة الفقر فيه تبلغ 31 في المائة من السكان البالغ عددهم نحو 4 ملايين ونصف نسمة.
وفي إطار محاولاتها للتحكم في الأسعار، تركز الحكومة حاليا على التسويق للمنتجات المحلية بعد إطلاق حملات زراعية كبيرة منتصف عام ٢٠٢٢ بهدف تحقيق "الاكتفاء الذاتي" من السلع الرئيسية.
المصدر: أصوات مغاربية