
طبعا أنا لا اخشى على موريتانيا بلاد شنقيط من غزو أجنبي وإنما اخشى عليها من ابنائها وقد لاحظت ظواهر تبعث على القلق فى المستقبل منها طغيان المادة على الوازع الديني والأخلاق ومنها عدم التربية الصالحة للناشئة من طرف الأسر ومنها عدم مرجعية وطنية لتصحيح السلوك البشري فالبشر عادة ما ينحرف نتيجة لعوامل معينة وإذا تكن لدى البلد مرجعية متعارف عليها لضبط المسار وتصحيح السلوك إنه سوف تذهب به رياح المسالك المنحرفة إن
هذا الجيل الناشيء حاليا اخشى على مستقبل البلاد منه إنه غير مهذب ولايتمتع بتربية صالحة وبدل ان يكون مدمن على القرائة وحب العلم فهو مدمن على لعب البالونات والكرات والالعاب النارية ويرمي الناس بالحجارة انه يخطو خطواته الاولى نحو الاجرام واظنه اذا تسلم قيادة البلد فى المستقبل سوف يقوض ماتبقى بعد اجيال الفساد من هذا البلد إن التحول العميق فى مجرى التاريخ الذي بدأ فى تسعينيات القرن الماضي وأنهار بموجبه ما يسمى بالأتحاد السوفييتي سابقا ثم غزو الكويت الذي كان بداية لغزو العراق أدخل بلادنا فى عهد ديموقراطية أمية غير مكتملة الأركان وناقصة الشروط إن الأمي يفهم الديموقراطية على أنه بأمكانه أن يفعل كل ما يحلوا له بينما هي عبارة عن تنظيم وسلوك لممارسة الشأن العام وليست تربية ولاتهذيبا إنما التربية والتهذيب شيء آخر يحتاج إليه الإنسان أكثر من النظم الديموقراطية كيف يكون الأمي قادرا على تربية ابنائه تربية صالحة ؟ كان على بلادنا أن تركز على محوى الأمية لدى الكبار الذين لم يحصلوا على قسط من التعليم لكي يستطيعوا ما أمكن من تربية الأبناء إن الطفولة تعتمد فى الأساس من ناحية التربية والتهذيب على الأسرة والمدرسة لا تغني فى ذلك عن دور الأسرة بصفتها حاضنة وراعية وجينات الأبناء تنحدر منها ، إن الأموال الطائلة التى تضخ فى منشآت معمارية سرعان ما تخرب ويتحتم إعادة بنائها كان من الواجب ضخها فى محوى الأمية لدى الأسر الموريتانية التى غالبيتها أمية لاتقرأ ولا تكتب وليس لها نصيب فى العلم والفهم إن القرائة والكتابة والمطالعة هي الوسيلة الوحيدة لتقدم الأمم كم عندنا اليوم من المدمنين على المطالعة وعلى القرائة قليلون جدا وظروفهم صعبة للغاية فى حين تصرف الدولة مئات المليارات فى تشييد مباني للبرلمان ومجلس الدستور والحكام والولاة والملاعب والمجالس الجهوية والوزراء والمدراء والمستشارين ومؤسسات أخرى لاحاجة للبلد فيها وإنما تزيد النفقات والأعباء المالية إن الأستثمار الذي ينتج أمة صالحة وقادرة على بناء بلدها هوفى الإنسان فالإنسان الصالح هو الذي يبني أما الفاسد فهو الذي يخرب ولا يمكن أن نحصل على إنسان صالح إلا بالعلم