المثقف ودوره فى المجتمع وعلاقته بالسلطة الحاكمة وكيف يؤدي رسالته

اثنين, 02/07/2022 - 10:05

قد سبق لنا أن عالجنا موضوع المثقف وصفاته ودوره وانواع المثقفين إضافة إلى معنى الثقافة لغة وأصطلاحا وفى هذا الموضوع سوف نعالج دور المثقف وعلاقته بالسلطة الحاكمة

 فى البلدان المتقدمة يعتبر المثقفين  فيها رواد إصلاح وتنمية وسلعة وطنية لا غنى عن دورها ففى فرنسا مثلا المثقف معظم ومبجل لكونه أداة تقدم ينصح الأمة ويؤلف الكتب وينشر المقالات والمعالجات الإصلاحية

أما فى البلدان المتخلفة فهو بلا قيمة تذكر وعليه أن يتملق للأنظمة الحاكمة لكي يكسب قوته اليومي أو يحصل على وظيفة مما يجعل منه أداة إفساد بدل تقدم وهناك شكلين من المثقفين فى الدول المتخلفة وهما المثقف التقليدي والمثقف العضوي والذي يتملق للأنظمة من أجل مصالحه الخاصة هو من النوع التقليدي أما العضوي فمن النادر أن يختار مصالحه الخاصة على مصلحة بلده وشعبه لذا ترى علاقته مع السلطة الحاكمة يسودها التوتر والخلاف لكون السلطة الحاكمة عادة ما تفضل مصالحها على مصالح الشعب ويتجسد ذلك فى القرارات التى تتخذها من أجل مصالحها والتى تخالف مصالح الشعب هي تحسب أنها من مصالح الشعب ولكنها فى الحقيقة ليست كذلك والمثقف العضوي يرى كل ذلك وينتقده ويحاول تصحيحه مما يؤدي إلى الأصطدام برغبات السلطة الحاكمة بعضهم يذهب إلى السجن نتيجة ذلك والقليل منهم يكون خارج السجن لكن بدون رصيد مادي ومعنوي إن لم نقل بأنه بلا قيمة فالبلدان المتخلفة عادة تكون شعوبها تنظر بمنظار السلطة الحاكمة ويحصل هذا فى البلدان التى اغلب ساكنتها من البدو فالبدو يحسبون أن السلطة  الحاكمة لا تخطيء أبدا وتخالف فى شيء وكل ما تفعله هو عين الصواب هذه العقلية البدوية متوارثة عن الأجيال ولا يحبون التغيير أبدا لذا ترى من كان يشرب من البئر يظل البئر هو مشربه ومن كان يرعى الغنم تظل تلك السجية هي طبيعته ولا يطور أي شيء من حياته حتى أنه إذا أرغم على السكن فى الحضر لسبب من الأسباب تظل الحياة البدوية فى سلوكه فى الحضر يأتي بشياهه أو بقراته أو جماله أو حميره إلى المدينة بحيث تظل هذه الحيوانات تتماوج فى المدينة الحضرية التى لم تخلق لها أصلا ولا تصلح لها تسبب الكثير من المشاكل الحضرية وختم بهذا المقال الذي نشرته صحيفة الزمان سنة 2014

مؤلف الكتاب البريطاني (ستيفن جونز) عن الفيلسوف الشيوعي الإيطالي الشهير (أنطونيو غراشي) الذي أشتهر كثيراً بفلسفته عن (المثقف العضوي) ودوره في تغيير المجتمع. ذلك المفكر المناضل الذي قضى أكثر من عشر سنوات في سجون الفاشية الإيطالية وتُحكم من قبل زعيمها (موسليني). والكتاب يتضمن رؤية من نوع خاص لـ(غراشي) وقد تميز الكتاب بفصوله الستة، ويقدم تحليلات مركزة ومشخصة للأفكار التي بشر بها (غراشي)، بل ويجد (المؤلف) أننا حتى يومنا هذا بحاجة إلى فكر (غراشي) وخصوصاً في الوقوف أمام الهجمة الرأسمالية الجديدة برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يمكن أن يخفف طموحاتها غير المشروعة واكتساحها التي شملت القارات الخمس إلا أولئك المثقفين الذين أرتبطوا عضوياً بمجتمعاتهم، ومشروع المثقف العضوي يحدده (غراشي) من أن كل البشر (مثقفون) بمعنى من المعاني، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين، وهي وظيفة لا يملكها إلاّ أصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس، ومن هنا يستخلص الفارق بين (المثقف التقليدي والمثقف العضوي) الأول يعيش في برجه العاجي ويعتقد أنه أعلى من كل الناس، في حين أن الثاني يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين.. وعليه، فأن المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا أمنه.. أن أي مثقف لا يتحسس آلام شعبه لا يستحق (لقب المثقف) حتى وأن كان يحمل أرقى الشهادات الجامعية. يكتب (غراشي).. يبدو لنا أكثر الأخطاء شيوعاً، هو البحث عن معيار التمييز في الطبيعة الجوهرية لأنشطة المثقفين، بدلاً من البحث عنه في مجمل نسق العلاقات الذي تجري فيه هذه الأنشطة.. ثم يردف المؤلف قائلاً: إن نظرية الهيمنة لدى غراشي لا تنفصل عن مفهومه للدول الرأسمالية التي يقول عنها بأنها تقود المجتمع عن طريق القوة وعن طريق التراضي في ذات الوقت..! أما الدولة في رأيه فليست هي الحكومة، أنها المجتمع السياسي، حكومة وبوليس وجيش ومنظومة قانونية. ومجتمع مدني يضم الأفراد ومجالاتهم الاقتصادية. الأول يسير بطريق القوة والثاني يسيّر بالتراضي.. وهو يرى بأن الرأسمالية الجديدة عرفت كيف تلبي بعض الإصلاحات (متجاوبة) مع مطاليب النقابات والعمال خوفاً من أن (تأكلها الثورة) الشاملة ضدها، فحافظت على مكانتها في قيادة المجتمع من دون أن تخسر شيئاً.. أنها (ذكية جداً) إذ التفت على أطروحة (كارل ماركس) التي تنبأت بإنهيارها من خلال الثورة الشيوعية الشاملة عندما تصل المبروليتاريا إلى حد الجوع. وهذا ما لم تجعله يحصل (ص123 من الكتاب). يرى (غراشي أن الحزب الثوري هو وحده القادر تكوين طبقة جديدة من المثقفين العضويين المرتبطين بهموم الناس وقضايا العمال والفلاحين. أن هؤلاء المثقفين العضويين يمكنهم أن يشكلوا (هيمنة بديلة) عن (الهيمنة الرأسمالية). ومن هنا نستطيع القول أن غراشي) هو الوحيد الذي اعتقد بأهمية المثقفين ودورهم في (التغيير). إذ كان يؤمن بأنهم قادرون على صنع المعجزات إذا ما التزموا بقضية الشعب الأساسية إلتزاماً (عضوياً وحيوياً). ويكمل (غراشي) قائلاً: أن البرجوازية (تخشاهم) وتعرف أن نفوذهم كبير ولذلك تحاول (تشتريهم) بأي شكل (ص139 من الكتاب). وعلى قاعدة (الشيء بالشيء يذكر) نذّكر بمقالنا المنشور في العدد (4814) وبتاريخ 19 أيار 2014 والذي يحمل العنوان (ثقافة اللصوص والطغاة). الذي تمّ فيه  تشخيص وتحديد دور المثقف في المرحلة الراهنة قلنا: ولا يكون المثقف (مثقفاً) حين يلعن الدكتاتورية ويهلل للديمقراطية، بل حين يقاوم الديكتاتورية التي يعاني منها وشعبه بالذات، محاولاً اكتشاف الأشكال الديمقراطية الملائمة للتقدم الاجتماعي في بلده بالذات، لا يكون المثقف كذلك حين (يغط) بحرية الفرد فقط وهو يعلم تمام العلم أن الفرد (المعزول) لا يمكنه أن يفعل شيئاً غير (الاستنكار) وانتظار موعد (المقسوم) الذي جرده من أخلاقية العمل..! ليكون أول المستفيدين وآخر (المضحين).. وهذا ما يفرض وجوده في هذا الزمن من خلال سيطرة أصحاب (الياخات البيض) على المؤسسات الثقافية الوارثة كل عيوب النظام السابق من مفاهيم (سلطوية ونفعية)..! وليس كما معهود بالمثقف المناضل الناكر لذاته (أول المضحين وآخر المستفيدين)..! ومن ثم غلق الأبواب بوجه (المثقفين) الذين يمثلون الوجه الحقيقي للثقافة داخل العراق وخارجه، متناسين دورهم الوطني والأخلاقي في (تحصين) مجتمعهم وتأسيس البنى الاجتماعية الكفيلة بحمايته من  بطش (ما دون الدولة) وتمكينه من المشاركة الفاعلة في تقرير مصيره مستخدماً سلاح الأدب الذي يُعدْ إحدى الوسائل لتذكير الناس بالمآسي المنسية التي تطبق عليهم..! لذلك فالاهتمام بالقضية الوطنية الكبرى في البلدان (النامية) بشكل عام، والعراق بشكل خاص هي بإجماع الوطنيين الواعين على تحسين المستوى الثقافي والتخلص من النفوذ الأجنبي السياسي والاقتصادي المؤثر في سياسة أي بلد فيوجهها وجهة تربوية وثقافية تتناسب ومصالحه الوطنية الحقيقية. لأن فتح مجال التقدم أمام الاقتصاد الوطني للبلاد لا يمكن أن يتيسر إلى الحد المطلوب إلا بتحرير البلاد ورفع شأنها الثقافي..! إن المجتمع الأمي لا يمكن أن يكون مبدعاً لأن العائق الأساسي أمام التفاعل مع الثورة العلمية هو التأخر الثقافي والعلمي والمجتمع كي يتعامل مع التطورات الحديثة ويهدم سور اللصوص والطغيان، يجب أن تشمل هذه الثقافة فئات المجتمع كافة..!

على مدار الساعة

فيديو