
عرفت هذه البلاد بالبلاد الجامدة فمنذ ما لا يقل عن إثنى عشر ألف سنة يوجد هناك سكان فى هذه الربوع حسب النقوش والرسوم الصخرية لكن لايعرف عنهم شيء ولم يكتب لهم تاريخ ولم يعرف سكان هذه البلاد إلا فى الألف سنة الأخيرة و مع دخول العالم القرن الواحد والعشرين قبل عقدين من الزمن مازلنا نلاحظ أن بعض ساكنة هذا البلد مازالت تعيش فى القرون الغابرة بكل ما فى الكلمة من معنى ، والسؤال هو : لماذا لا ننهض من سباتنا ونقوم بثورة تحقق لنا ما نصبوا إليه من تقدم ورفاهية ؟ ولكن مهلا الثورة ليست تلك التى تسفك فيها الدماء ويقتل فيها الأبرياء ولا فوضى عارمة ليست لها أهداف تطمح لتحقيقها إنما الثورة ذات المردودية هي ثورة الأنفس وكما قال تعالى ،، إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم ،،
لاأعلم بلدا تقدم فى العالم إلا عن طريق ثورة حقيقية ذات أهداف وشارك فيها الجميع وهكذا فقد اشتعلت الثورات العالمية ضد التخلف والجهل والمرض فبعض البلدان بدأ بالثورة الصناعية ، وبعضهم بدأ بالثورة الزراعية وبعضهم بدأ بالثورة الثقافية ، ثم إن بعضهم نجح بينما البعض الآخر فشل ، وهناك اسباب للفشل وللنجاح وهذه تجارب عالمية ماثلة بين أعيننا ، ونحن علينا أن نبدأ ثورتنا بالأخلاق فنقوم بثورة أخلاقية حتى نتمكن من تصحيح المسار الذي سنسلكه فى المستقبل فالثورة الصناعية فى الغرب كانت تنقصها الأخلاق والثورة الأشتراكية فى الشرق كانت تنقصها الأخلاق ونحن ترك لنا الإسلام إرث غني وفريد ومليء بالأخلاق الفاضلة لو استثمرناه وعملنا به لكنا أرقى الأمم صحيح أن الشرق والغرب فطنوا فيما بعد للخلل والفجوات الناقصة فى ثوراتهم ضد الجهل والتخلف والفساد إلا أنهم كانوا بحاجة إلى ثقافة أخلاقية راقية كتلك التى جاء بها الإسلام وهي مفصلة ومجملة فى القرآن العظيم فى الأحاديث النبوية الصحيحة وفى مجملة تاريخ فجر الإسلام وبدون شك فإن الغرب قد درس ذلك ونهض على ضوئه ولكنه مازال يفتقر إلى روحه التى تجسده فى الوجدان وتجعل منه منهجا يحذى به بين الإنسان وأخيه الإنسان وبين الإنسان وخالق الإنسان وهذه هي قيمة الأخلاق التى تحافظ على الأمم وقد فطن الشاعر العربي لذلك قبل حوالي ألف سنة فقال : إن للأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
لقد ابتلانا الله بالأستعمار ردحا طويلا من الزمن وزرع فينا الكثير من أمراضه ومن قيمه التى تخالف بيئتنا وثقافتنا العربية الإسلامية ثم رحل عنا وبقينا نتشبث بشيء من أخلاقه وعاداته المخالفة لديننا الحنيف مثل الغبن والفساد والأنسلاخ من القيم والمباديء الإسلامية وأكل الربا والغش والتزوير والقوانين الرديئة التى تكبل وتقيد العقل وتمنع المساواة فى الفرص وفى التوظيف وفى التشغيل مما جعل المال دولة بين الأغنياء وحرم الجميع من المشاركة فى الشأن العام ومن بناء البلد على أسس أقرب للعدل وقد أمرنا الله جل وعلا بالعدل وبالإستقامة وبمنع الغبن والفساد ونهانا عن الربا والغش وعن الخيانة والسرقة وهذه هي مباديء الإسلام الأخلاقية النبيلة التى تحول دون التخلف والجهل والظلم وتحافظ على وحدة الأمة وتماسكها وبقائها ثم نهضتها وتطورها ، إن القوانين الوضعية فيها ما هو رديء وفيها ماهو جيد والرديء منها هو الذي يغلق الأبواب أمام الجميع ويفتح نافذة لزمرة بعينها بينما الجيد منها هو ما يفتح الأبواب أمام الجميع من أجل المشاركة الفعالة ويغلقها أمام الإجرام والأنحراف وجميع المعوقات الأقتصادية والأجتماعية التى من شأنها النهوض بالمجتمع ككل وليس بمجموعة واحدة ولا طبقة واحدة إن الأحتكار فضلا عن كونه ممنوع شرعا لإنه يضر بالمجتمع فإنه يمنع من التقدم ومن التطور ويجلب كل المفاسد وخرب البلدان
يتواصل فى حلقات قادمة بحول الله
سيد مولاي الزين