حسب البنك الدولي التضخم وارتفاع المديونية يعصفان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ثلاثاء, 08/09/2022 - 20:26

تقوم أوكرانيا وروسيا بتوريد مجموعة متنوعة من السلع الأساسية إلى الاقتصاد العالمي ومنها المنتجات الغذائية مثل القمح والذرة والبذور الزيتية، ومنتجات الطاقة، بالإضافة إلى الأسمدة اللازمة للإنتاج الزراعي . ومن بين الآثار الأخرى على الاقتصاد العالمي أن الحرب في أوكرانيا قادت إلى تفاقم الضغوط التضخمية القائمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي نشأت عن موجات الجفاف وانتشار الصراعات والمعضلات الأخرى. وأصابت الحرب واردات المواد الغذائية الأساسية بالشلل في بعض البلدان، كما تسبَّبت في قفزات عامة للأسعار، لا سيما أسعار المواد الغذائية.

لقد وصل معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 14.8% في 2021 مرتفعاً بدرجة كبيرة عن المتوسط البالغ 7.3% بين عامي 2000 و2018، وذلك وفقاً لما أظهرته تقارير صندوق النقد الدولي الصادرة في عام 2022،  كما تشهد بعض بلدان المنطقة معدلات تضخم مرتفعة بدرجة تثير القلق مثل إيران (43%)، ولبنان (154%)، واليمن (30%) وذلك وفقاً لأحدث البيانات.

ووفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يعتمد ما يقرب من 50 بلداً على أوكرانيا وروسيا في الحصول على 30% على الأقل من وارداتها من القمح من بينها مصر وليبيا وجيبوتي واليمن ولبنان وتونس من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . وكما يتضح من الشكل 1، تبلغ حصة المواد الغذائية من الموازنة أكثر من 30% في جيبوتي والجزائر والمغرب ومصر. ويصدُق هذا تماماً على ميزانيات الأسر الأشد فقراً في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد تنشأ أيضاً آثار غير مباشرة على الاستهلاك جراء زيادة أسعار السلع أو المواد الأولية مثل منتجات الطاقة والوقود الذي يستخدم في السلع النهائية التي تستهلكها الأسر.

 

 

تُنبِئ نماذج المحاكاة للبنك الدولي أن الاتجاهات المثيرة للقلق لزيادة أسعار المواد الغذائية وتأثير ذلك على إمدادات المعروض ستؤدي إلى سقوط 23 مليون شخص إضافيين في براثن الفقر، وإلى ضياع مكاسب عدة سنوات من جهود الحد من الفقر. وبعبارة أخرى، مقابل كل زيادة قدرها 1% في أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد يصبح نحو نصف مليون شخص إضافي في عداد الفقراء في المنطقة .

ورصدت نماذج محاكاة أخرى للبنك الدولي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاتجاهات التالية فيما يتعلق بزيادة أسعار المواد الغذائية ومعدلات الفقر:

1- جيبوتي: قد تؤدي زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 10% وزيادة أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 3.4% إلى ارتفاع معدل الفقر إلى 17.6% في 2022، وهو ما يُنذِر بضياع مكاسب عدة سنوات من جهود الحد من الفقر.

2- تونس: تشير التقديرات إلى أن زيادة الأسعار العالمية أدت إلى ارتفاع معدل الفقر بمقدار 1.1 نقطة مئوية، وقد تم التخفيف من أثر ذلك على الأسر المعيشية من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. وإذا استمر ارتفاع الأسعار في الأشهر المتبقية من عام 2022 بنفس الوتيرة التي كانت عليها في أشهره الأولى، واستمر الدعم قائماً، فإن معدل الفقر سيزداد بمقدار 2.2 نقطة مئوية وستتفاقم مستويات التفاوت وعدم المساواة إلى حد ما، إذ سيرتفع مؤشر جيني من 32.82 إلى 32.9.

3- مصر: خلص تحليل انعكاسات التضخم بين فبراير/شباط ومارس/آذار 2022 إلى أن زيادة معدل التضخم نتيجة لارتفاع أسعار الخبز والحبوب من المرجح أن تؤدي إلى زيادة قصيرة الأجل في معدل الفقر لتتراوح من نقطتين إلى 3.8 نقاط مئوية. وتجدر الإشارة إلى أن تحليل دور التدابير التعويضية التي أعلنتها الحكومة في مارس/آذار 2022 وجد أن هذه التدابير ستُخفِّف جزئياً من الزيادة في معدل الفقر بنحو 0.4 نقطة مئوية.

4- المغرب: من المرجح أن يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة معدل الفقر بما يتراوح بين 1.1 و1.7 نقطة مئوية، ويرجع ذلك في معظمه إلى زيادة أسعار المواد غير المدعومة مثل الوقود. أما الدعم التنازلي، الذي تستفيد منه في العادة الأسر الميسورة، فسيؤدي إلى تدهور أوضاع المالية العمومية. وعلاوة على ذلك، ستزداد مستويات التفاوت وعدم المساواة مع ارتفاع مؤشر جيني من 39.5 إلى 39.7.

وبالإضافة إلى ذلك، ومن أجل متابعة آثار زيادات الأسعار أولا بأول مع الوقت، تُجري أيضاً مسوح استقصائية عبر شبكة الإنترنت في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأحد هذه البلدان هو المغرب حيث استطعنا الوصول إلى 2031 مشاركاً ً في مسح استقصائي عبر موقع فيسبوك أتم 879 منهم الاستقصاء بالكامل. وفيما يلي بعض نتائج هذا المسح:

قال المشاركون في المسح إن السلع والخدمات الأكثر تأثراً بزيادات الأسعار هي الحبوب والوقود والنقل والخضراوات الطازجة.

تُؤثِّر زيادة الأسعار، لا سيما أسعار الوقود والنقل، على عدد أكبر من الأسر في الجزء الأوسط من توزيع مؤشر الأصول من العينة التي تم جمعها.

يظهر تأثير زيادة الأسعار بقوة أكبر في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق الريفية (باستثناء الحبوب).

تبدأ كل أزمة للديون بتحذيرات لا تحظى بالاهتمام وتنتهي بقيود شديدة على الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، من بين قطاعات أخرى. وغالبا ما تثير هذه الأزمات اضطرابات أهلية وسقوط الحكومة، مما يؤدي إلى انتكاسة دائمة لآفاق النمو في البلد المتضرر.

في أعقاب جائحة كورونا، ارتفعت الديون العالمية. واليوم، بلغ 58% من أشد بلدان العالم فقرا مرحلة المديونية الحرجة أو معرضة لبلوغها بدرجة كبيرة ، وينتشر هذا الخطر في بعض البلدان المتوسطة الدخل أيضا. وقد أدى ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو إلى تهيئة الساحة لأزمات مالية من النوع الذي اجتاح سلسلة من الاقتصادات النامية في أوائل الثمانينيات. 

لكن من الخطأ إلقاء اللوم على الجائحة إذا تفجّرت تلك الأزمات. فبذور هذه الأزمات قد نُثرت قبل جائحة كورونا بمدة طويلة. إذ زاد الدين العام، بين عامي 2011 و2019، في عينة من 65 بلدا ناميا بنسبة 18٪ من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط - وبنسبة أكبر بكثير في عديد حالات. ففي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل المثال، زاد الدين بنسبة 27% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط.  

ما الذي دفع إلى تراكم الديون قبل جائحة كورونا؟ لنكن واضحين: لم تكن المفاجآت الاقتصادية هي التي تجاوزت قدرة الحكومة على التنبؤ. بل كانت السياسات السيئة هي السبب.   

ويشير تحليلنا للقدرة على تحمل أعباء الديون في 65 بلدا ناميا إلى أن العجز الأولي المستمر كان أكبر محرك منفرد للدين العام في تلك البلدان. فتلك البلدان تنفق على نحوٍ يتجاوز إمكانياتها. وبين عامي 2011 و2019، بلغت الزيادة الوسيطة في الدين العام التي تُعزى إلى العجز الأولي 14% من إجمالي الناتج المحلي. وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء كانت الزيادة 18%. ومع ذلك، زادت هذه النسبة في منطقة جنوب آسيا زيادة طفيفة عن 5%.  

وفي أفريقيا على وجه الخصوص، تشير الشواهد إلى أن الحكومات تعاني من عجز أولي لا لضخ استثمارات مُنتجة طويلة الأجل، بل لسداد الفواتير الجارية. فقد اقترضت ديونا لدفع أجور العاملين في القطاع العام أكبر كثيرا مما اقترضته لبناء الطرق والمدارس والمصانع. ومن بين 33 بلدا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء في العينة، تجاوز الإنفاق الجاري الاستثمارات الرأسمالية بنسبة تقارب ثلاثة إلى واحد.  

ولم يفعل ذلك شيئا لتدعيم قدرتها على سداد الدين. كما أن هذه البلدان لم تلجأ إلى الاقتراض بتكلفة رخيصة - من مقرضين متعددي الأطراف يقدمون فائدة ميسرة على القروض. ففي عام 2010، شكل المقرضون متعددو الأطراف 56% من الدين العام والدين المضمون من الحكومة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء؛ وبحلول عام 2019، هبطت هذه النسبة إلى 45% فقط. وفي عام 2010، شكلت القروض المقدمة من دائني نادي باريس 18% من الدين؛ وبحلول عام 2019، لم تمثل هذه النسبة سوى 8%. من ناحية أخرى، زاد الاقتراض من الصين والدائنين التجاريين ثلاثة أمثاله تقريبا في الوقت نفسه: من 6% إلى 16%، ومن 8% إلى 24% على التوالي.   

ما دام النمو الاقتصادي الحقيقي قويا، تبقى المخاطر محتجبة. إذ يؤدي النمو إلى الحد من تراكم الدين العام: وفقا لبياناتنا، بين عامي 2011 و2019، أدى النمو الاقتصادي - المعدل حسب التضخم - إلى خفض الدين العام بما يعادل نحو 12% من إجمالي الناتج المحلي.  غير أن ديناميات الوقت الراهن تسير في الاتجاه المعاكس: إذ من المتوقع ألا تنمو الاقتصادات النامية إلا بنسبة 3.4% فقط في عام 2022، أي بالكاد نصف المعدل الذي تحقق في عام 2021. ومع ارتفاع أسعار الفائدة للتصدي للتضخم، من المرجح أن يظل النمو ضعيفا خلال العامين القادمين. 

لقد حان الوقت لواضعي السياسات كي يعتمدوا القول المأثور: إذا وجدت نفسك في حفرة، توقف فورا عن الحفر." ومع ذلك، فإن اعتماد سياسات جيدة الآن يمكن أن يؤدي إلى إصلاح الكثير من الأضرار: 

تعزيز النمو. أفضل طريقة للخلاص من شرك الديون هي أن نخرج منه. وتعتبر التدابير الرامية إلى تحسين أوضاع الشركات، وتحسين تخصيص الموارد، والمنافسة السليمة في الأسواق من الإجراءات الأساسية على صعيد السياسات لتعزيز نمو الإنتاجية.  وينبغي للحكومات الاستفادة من هذه الأزمة للتحرك بوتيرة أسرع في الإصلاحات الهيكلية الرئيسية. 

تسريع وتيرة إصلاح سياسات المالية العامة. يعد تحسين كفاءة الإدارة الضريبية وسد الثغرات بداية جيدة، لكن على الحكومات أن تتحرك تجاه توسيع القاعدة الضريبية بطرق تدعم النمو على المدى الطويل بدلا من إعاقته. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على الأنشطة الضارة بالنمو المستدام والصحة العامة - الضرائب على استهلاك التبغ والانبعاثات الكربونية، على سبيل المثال - مع تخفيض الضرائب على الأنشطة الإنتاجية. ويمكن تحسين الامتثال الضريبي بجعل الأنظمة الضريبية أكثر إنصافا. ويمكن التخلص من تراكم الديون إذا قامت الحكومات بتحسين إجراءات إدارة الدين والإنفاق العام مع تدعيم البيئة القانونية للتعاقد على الديون.  

التعجيل بإعادة هيكلة الديون. من المتوقع أن يفشل العديد من البلدان التي تعاني من مشاكل اليوم إذا لم تتمكن من الحصول على المساعدة. ويجب على المجتمع الدولي مساعدتها من خلال تحسين المبادرات العالمية التي تسهل إعادة هيكلة الديون.  وينبغي لواضعي السياسات استكشاف كل فرصة لتشجيع مختلف أنواع الدائنين - الثنائيين والتجاريين والمتعددي الأطراف - على التوصل بسرعة إلى اتفاق يخفف على البلدان التي تتحمّل أعباء مفرطة من الديون. 

كما أن الأزمات تجلب الفرص. في خضم الأزمات المتداخلة التي نشهدها اليوم، تتفتح أمام الحكومات فرص لنثر البذور من أجل مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا. فلا ينبغي لهم أن يفوتوا هذه الفرصة. 

كان ذلك تقارير صادرة عن البنك الدولي قبل أسابيع

وعلى البلدان المعنية أخذ الإجرائات اللازمة لتصحيح أوضاعها المالية والأقتصادية والتوقف عن هدر المال على المنشآت الغير ضرورية فعلى سبيل المثال فقد أنفقت موريتانيا فى الأعوام الثلاثة الماضية ميئات المليارات فى اشياء غير ضرورية زادت من الأعباء المالية على خزينة الدولة  ومن ارتفاع المديونية

 

على مدار الساعة

فيديو