موريتانيا بلد عاث فيه الأستعمار فسادا وبطشا وقلبه اسفلا على أعلى وزرع فيه الغش والظلم والمحاباة وقنابل التفرقة بجميع الأشكال والأحجام ثم حصل على استقلال منقوص استقلال مثل استقلال الحيوان الأليف يطلق من ربقة الحجز على أن يظل فى حضانة سيده فطالبت حركات تحررية الأستقلال التام فى البداية لكنها قمعت بشدة وظل البلد يدور فى فلك الأستعمار نظاما وإدارة وزمرة وهاهو الآن بعد أكثر من ستين سنة لا يكاد يتقدم فى شيء لديه موارد وثروات بإمكانها أن تجعله من البلدان المتقدمة فى المنطقة لكن المشكلة تكمن فى نظامه الغير قابل للتطور والتقدم حيث تم تأسيسه اصلا على خطأ ولم يجد قيادة ملهمة قادرة على تصحيح أخطاء التأسيس بوضع الحجر الأساس لنظام جديد ينبني على أسس قابلة للتقدم وكاسحة لإلغام المستعمر ومتجاوزة للعراقيل والعقبات التى تحول دون الرقي والأزدهار لشعب واحد قليل العدد كثير الموارد ومتعدد الثروات يدين بدين واحد ويتمذهب بمذهب واحد ولا ينقصه سوى نظام واحد متطور ينطلق من ثقافته وتاريخه العريق ومكوناته الشعبية المرتبطة بالبلد منذ القدم ولا أظن أن فيها من يمتنع عن تقدم البلاد وازدهارها بل الكل يطالب بذلك ويحث الأنظمة المتعاقبة عليه دون جدوى هذا قد ظنت جميع الحكومات منذ الأستقلال أنها تستطيع التقدم على ضوء النظام الموروث من الأستعمار لكنها فشلت جميعا وفشلها بين وظاهرة للعيان ولا يحتاج على برهان ومن يظن اليوم كما ظنت ومن يفعل كما فعلت ويطمح بتقدم البلاد على ذلك الأساس سوف يفشل كما فشلت ويضيع الزمن كما ضيعته والآن إذا افترضنا التقليل من طموحنا فى التقدم والتنمية الشامية وتواضعنا وقلنا حسنا نحن لا نستطيع ذلك فهناك شيء بإمكاننا فعله وهو منع التدهور المعيشي والفقر والمجاعة للمواطنين بشرط تغيير نمط حياة بعضنا مع بعض نحن نستطيع أن نصلح بلدنا ونعيش على مواردنا اذا قمنا بإصلاح نظامنا وتقاسمنا امكاناتنا بعدالة وإنصاف وتخلى بعضنا عن الامتيازات الأنانية التى يتمتع بها على حساب الجميع والجماعة اذا كان شركها حسنا نزلت البركة فى ما عندما أما إذا كان شركها مثل شركة الكلاب البرية أو الضباع كل واحد قوي يقتطع نصيب الأسد من الموارد الشحيحة والإمكانات المحدودة لنفسه ويحرم الآخرين فلن تنزل البركة ابدا وسوف يظل الغبن والجوع والفقر هو السائد فى البلد إلى أجل غير مسمى
