بالنسبة لحرية الصحافة فى العالم العربي مازالت موضوع تساؤل ونقاش محموم داخل الأوساط الصحفية وأنا لم أقيم حريتها خارج بلدي الذي اعرف تمام المعرفة مدى حرية الصحافة فيه لا وجود لشيء إسمه حرية الصحافة فى وسائل الإعلام العمومية فى موريتانيا وهذا مؤسف ومحزن لكون هذه الوسائل التى تمول من مقدرات الشعب لا حرية فيها للصحافة فالصحفي عندما يعمل فى الإذاعة العمومية أو التلفزة الحكومية أو الوكالة الموريتانية للأنباء يتحتم عليه الألتزام بما يلي : ممنوع من تناول موضوع خارج عن توجيهات الرئيس أو الوزير أو مدير الوسيلة الإعلامية التى يعمل فيها وإذا غرد فى شبكة التواصل الأجتماعي بشيء لا يصب فى ذلك المجرى الضيق سوف يجد نفسه خارج مسطرة الخدمة فى الإذاعة أو التلفزة أو الوكالة إدارات الأخبار لا تنشر إلا ما تفضل به الرئيس أو الوزير أو المدير أو أحد من القطاعات الحكومية وممنوع عليها القيام بتحقيق فى موضوع أو نشر خبر خارج مسطرة الإدارة وإدارارات البرامج لا تتناول إلا المواضيع الحكومية ولا تستضيف إلا أعضاء الحكومة أو ما ينوب عنهم والسؤال هل هذا يعتبر حرية للصحافة ؟ الجواب طبعا بديهي أنه عمل موظفين حكوميين وليس له علاقة بعمل الصحافة على الإطلاق
أما الصحافة المستقلة أو المستغلة إذا ما بدلنا القاف غينا فبعضها فرض حريته بنفسه وحارب وقاتل الحكومات على ذلك بحيث أحرج جميع الأنظمة التى تعاقبت على البلد منذ ظهور التعددية الدستورية واحتج على كل من يساومه فى حريته بالقوانين الدستورية التى تكفل له حرية عمله الصحفي فى حدود القانون بينما البعض الآخر فضل الخنوع واصبح يعمل فى الصحافة كما يفعل القطاع العمومي مقابل مساعدات تقدمها الحكومات من فوق الطاولة ومن تحتها كان بإمكان الصحافة المستقلة استقلالا حقيقيا أن تحصل على مثل ذلك إذا ما أنتهجت نهج الصحافة العمومية وفعلت كفعلها فى عدم الأستقلالية وقد سبق لنا نحن أن تلقينا عروضا مغرية بذلك من طرف الحكومات السابقة ورفضنا أن نتخلى عن شيء من حريتنا التى يكفلها لنا الدستور مقابل أي شيء من الدعم المالي وبقينا نتمسك بحريتنا مع التجويع والإقصاء ولا أظن أن سياسة التجويع والأقصاء تعتبر من حرية الصحافة التى يتكلم عنها الوزير الوصي على العمل الصحفي فى البلد كما أن التجويع والإقصاء لا يصب فى خدمة المهنة ولا ترقيتها ويحول دون الكثير من تقدم الصحافة المهنية الحقيقية فى البلد والوزير فيما يبدو يعمل على مساعدة الصحافة المزيفة التى تتملق للحكومة وللمؤسسات التابعة لها من أجل الدعم المالي وهو يحول دون تمكين الصحافة المهنية الحقيقية لكونه يخشى أن تفضح الممارسات الغير مسئولة التى تقوم بها وزارته وبعض القطاعات الحكومية الأخرى
الخلاصة أن حرية الصحافة فى موريتانيا موجودة لدي قلة من الصحفيين الذين فضلوا الفقر والتهميش والحرمان والإقصاء من أجل حريتهم عدى ذلك فلا وجود لشيء إسمه حرية الصحافة هنا .
