حكومة تريد محاربة الفساد عليها أولا أن لاتكون فاسدة والفساد ليس سرقة المال العام وحدها ولا نهبها ولا التحايل عليها ولا أخذ مقومات الأقتصاد الوطني وتحويلها إلى املاك خاصة إن كل ذلك مجرد نماذج من منظومة الفساد التى منها الرشوة البيضاء والرشوة السوداء والرشوة الصفراء والرشوة الحمراء وتحدث كلها فى جميع المعاملات المالية والإدارية والوظيفية فالرشوة بالوظائف مثلا المعمول بها على نطاق واسع فى النظام المورتاني تعتبر من اخطر انواع الرشوة فى ظاهرة الفساد لكون تمنح بعض الأشخاص وظائف قد لا يكونون أهلا لها مقابل ولائهم للنظام الحاكم وليس للبلد ولا للوطن إنما يشترط ولائهم للرئيس ولا يكونون فى صفوف المعارضة مقابل تلك الوظائف فى الدولة وهذا النوع من الصفقات هو الأخطر على تنمية البلد وتقدمه لكون اكبر مساهمة فى فساد الإدارة وفساد النظام فالوظائف العام للدولة ينبغي أن تكون خالصة للعمل الإداري والفني ولا دخل للسياسة فيها إذا أريد لها أن تعطي تمرتها فى مجال الإصلاح والتنمية المستدامة بينما الرشوة بالوظائف تعيق كل ذلك التجه بحيث تجعل وظائف الدولة مجرد تجارة فى اسواق السياسة العفنة وتحت طائلة البيع والشراء لمن هب ودب
كما أن الفساد منه ماهو مقنع ومنه ما هو مجرد فالمقنع منه مثل المحسوبية والزبونية والقبلية والشرائحية والمحاباة السياسية فى الوظائف الحكومية وفى تقاسم المنافع العمومية بين أشخاص بأعيانهم وحرمان البقية بينما الفساد المجرد هو النهب والسرقة والتحايل والصفقات المشبوهة التى تقتصر منافعها على اصحابها وأنشاء المؤسسات الوهمية بهدف الحصول على صفقات مالية وكذالك جميع انواع التحايل على المال العام والممتلكات العمومية واقتصاد البلد وتبييض الأموال وتجارة المحرمات والمواد الفاسدة أو المنتهية الصلاحية وهذا الفساد يعم معظم القطاعات فى الدولة والمؤسسات الخصوصية والتجار وكل من يمارس ذلك النشاط فى البلد
هذا ومن الفساد سوء التسيير وتعطيل المسئوليات مثلا يذهب الوزير أو المدير فى حملات سياسية أو أنتخابية حزبية لا تدخل فى عمله الوظيفي ويترك مصالح المواطنين معطلة ردحا من الزمن فهو مسئول عن ذلك يوم القيامة وسوف يسأل عنه أيضا رئيس الدولة إذا سمح له بذلك
كذلك من الفساد هدر المال العام فى بنيات غير ضرورية يحصل بموجبها افراد على مبالغ مالية كبيرة هم زينوا تشييدها للرئيس لكي يحصلون على تلك المبالغ الناجمة عن صفقة بنائها هذا إذا لم يكن الرئيس مشاركا معهم فى الأستفادة من تلك المبالغ وكثيرا ماكان ذلك يحصل فى السابق أما الآن فلا ندري هل مازال ذلك سائدا أم لا المهم هو أننا لاحظنا كثرة تشييد المباني الحكومية الغير ضرورية فى العاصمة الموريتانية وخارجها بمبالغ خيالية من المال العام وهذا هو عين ذات الفساد لا سيما أن غالبية شعبها تحتاج إلى الطعام والماء وثمن الخبز والوقود
كذلك من الفساد القرارات السيادية الغير مدروسة بعناية وتعيينات فى وظائف لا تناسب اصحابها أو أن اصحابها غير قادرين على القيام بها بالطرق الأحسن فيزيدونها فسادا على فسادها القديم
هذا من الفساد الكذب على المواطنين فكثير من المسئولين يكذبون على الناس فى المعاملات وفى المواعيد فتضيع على الناس الوقت والجهد وهو شيء تنفرد به الإدارة الموريتانية دون غيرها من إدارات دول العالم التى تحترم الأقوال والمواعيد
هذه مجرد نماذج من الفساد فى بلادنا
وعلى العموم فالساد فى موريتانيا ليس وعكة صحية تحتاج إلى مسكنات إنما هو متجذر ومترسخ فى المنظومة الوطنية حكومية كانت أو شعبية فمنح الرشوة مثلا فى بلادنا عبارة عن نوع من فعل الخير عند الكثيرين ضاربين عرض الحائح بمدى خطورته على البلد وعلى مقدراته فالرشوة فى بلدنا هي المفتاح السحري القادر على فتح جميع الأبواب المغلقة التى قد لا تستطيع مفاتيح العالم فتحها لكنها بتقديم مبالغ تصبح الأبواب مشرعة كأنها لم تغلق أبدا والتملق والنفاق انواع من الرشوة بالكلام فالرشوة قد تكون بالكلام وقد تكون بالطعام وقد تكون بالصفقات وقد تكون بالوظائف كما اسلفنا وقد تكون بمنح السيارات وقد تكون بمنح الأمتيازات وقد تكون بمجرد النقود ثم إن القول بدعوى محاربة الفساد فى بلادنا دون إنشاء هيئة مستقلة مخصصة لمحاربته ومكافحته ومعاقبة ممارسيه مجرد كلام فارغ فالسنوات الأربع التى قضاها هذا النظام حتى الآن فى الحكم أنشأ عددا كبيرا من المؤسسات التى غالبيتها لا ضرورة من وجودها لكنه عجز عن إنشاء هيئة خاصة بمحاربة الفساد تكون مستقلة مع أن الأستيراتجية الوطنية لمحاربة الفساد التى تمت المصادقة عليها من طرف الحكومة قبل سنوات عديدة نصت على طريقة تشكيلها وعينت نوعية طاقمها ولم ينقصها الآن سوى البلورة والتنفيذ لماذا لم يتم تجربتها الجواب يكمن فى أن منظومة الفساد المتحكمة فى مفاصل البلد هي المسئولة عن عرقلة ذلك .
يتواصل بحول الله
