
التوقع والأستشراف وقرائة المستقبل كلها علوم تدرس وتعرف وتقرأ بعضها يعود إلى التنجيم وبعضها يعود إلى قرائة المستقبل من خلال الماضي والحاضر وبعضها يفهم بقرائن معينة ولكن فى هذه المعالجة نحاول فهم ما سيحدث فى العام القادم 2025 من خلال التوقعات
يقول الكاتب سلمان فى ارسلان
من الأبيات السائرة التي تتردد في عدد من السياقات العلمية والوعظية البيت اليتيم الذي ينسب إلى أبي إسحاق الغزي:
ما مضى فاتَ، والمؤملُ غيبٌ ولكَ الساعةُ التي أنتَ فيها
وإذا صحّ زعم ابن أبي دؤاد في أن العربي شاعر بطبعه، ولابد أن يقول البيت والبيتين، فإن هذا يوشك أن يكون متحققاً في تعطل ملكة النقد والتمحيص العلمي للمعاني المبثوثة في الشعر، فقد جرى العرف لدى الكثير أن الخبر المخلَّد في الشعر لابد أن يكون صحيحاً، وأن الشعر كله حكمة.
وفي لغة الشرع فإن (من الشعر حكمة)؛ كما عند الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهذا تبعيض يصدق على القليل والكثير، ولكن في محكم التنزيل ما يوحي أن الرشد في الشعر استثناء من القاعدة: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء :224-227] .
هذا البيت اليتيم لا يستقيم للنقد، وقد يصح أن الإنسان هو ما مضى وما يستقبل، وألا شيء بعد حاضراً، وأن الساعة التي أنت فيها هي نهب ماض، أو أمل مستقبل، ولا شيء فيها حاضر على التحقيق .
وعناية البشر بالتاريخ ظاهرة؛ تدويناً لأحداثه، وترجماناً لأبطاله، وتحليلاً لدوافعه، بينما لا تجد الحفاوة ذاتها بأمور المستقبل، مع أن التاريخ إنما يقرأ ليعتبر به وتحفظ دروسه للزمن القادم.
والإنسان مجبول على التطلع للمستقبل واستقراء أحداثه وتحولاته واستجلاء غوامضه وخوافيه، ولهذا أقرَّت الشريعة في هذا الباب ما كان نافعاً للعباد مبنياً على معرفة النتائج من أسبابها، أو إتيان البيوت من أبوابها، وفي قصة يوسف -عليه السلام- طرف من ذلك، يقول الله -تبارك وتعالى-: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)[يوسف: 47-49]، فهي رؤية مستقبلية ناضجة مستنيرة بنور الوحي والإلهام، ووضع للحلول والاستراتيجيات المكافئة، ورحمة بالعباد والبلاد.
وهذا ما حاوله الغرب حتى أبدع فيه، وصار يعتني بدقة المعلومة، ويحسن توظيفها، ويدرس كافة الاحتمالات والتحوطات، لا رجماً بالغيب، ولا تظنياً وتخرصاً، بل بناءً على استقراء النواميس والسنن، والاعتبار بمعطيات اليوم، وتجارب الأمس.
وفي التنزيل الحكيم: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)[البقرة : 144] .
فهذا استشراف وترقب لتغيير وجهة الصلاة فاض من قلب المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وامتد من جوانحه إلى جوارحه، فصار يقلب طرفه في السماء منتظراً شريعةً ربانية جديدة تحوّل قبلة الصلاة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وهكذا كان.
وربما تمنى وتطلع -صلى الله عليه وسلم- إلى المستقبل الذي لا سبيل إلى تحويله، ولكن الوله والشوق يحدو إليه، حتى إنه نام مرةً -صلى الله عليه وسلم- في بيت أم حرام بنت ملحان وهي تفلي رأسه ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال: " نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ ، أَوْ مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ » يشك أيهما قال، قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَىَّ ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ .." ( البخاري ومسلم ).
وورد أنه رأى إخوانه الذين لم يأتوا بعد، وحدّث بما لهم من الخصوصية والثواب .
وجاءت مواعدة الخصوم عواقب ما تأتي به غِيَرُ الأيام كثيراً في الكتاب المبين: (قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ)[الأنعام:158]، وقال سبحانه: (فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ)[التوبة:52]، وقال: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)[ص:88] .
وهذا التطلُّع للمستقبل ليس هروباً من الحاضر، ولا قفزاً على السنن الربانية، ولكنه الأمل الذي يدفع إلى العمل.
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
والراشدون من رجال هذه الأمة المتبعون كانوا يعدون النظر في المستقبل، وتوقع أحداثه، والتحوط لها من الأسباب التي جاءت بها الشريعة، وكانت تخوفاتهم على الملة وأهلها ورجاءاتهم في حفظها وحياطتها ونصرتها تطلعات مستقبلية معززة بتلمس الأسباب فعلاً وتركاً؛ يفعلون هذا في أسفارهم، وتجاراتهم، وجهادهم، ودعوتهم.
ومن ذلك كتمان الأخبار كما في فتح مكة مثلاً، أو إشاعتها كما في قصة دوس، وقول كعب بن مالك -رضي الله عنه-:
قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ رَيْبٍ وَخَيْبَرَ ثُمَّ أَجْمَعْنَا السُّيُوفَا
نُخَيِّرُهَا وَلَوْ نَطَقَتْ لقَالَتْ قَوَاطِعُهُنَّ: دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا
وكان عمر -رضي الله عنه- محدّثاً ملهماً قلما قال لشيء: أظنه كذا.. إلا كان كما قال، وكان يقول:
تَفَاءَلْ بِمَا تَهْوَى يَكُنْ فلقلما يُقَالُ لِشَيْءٍ كَانَ إِلا تَحَقَّقَا
وهذا هو التفاؤل الإيجابي الحذر، وليس التمنيات العريضة الفارغة .
وهكذا استقبلت أنفسهم خبر الصدق عن هذا الدين وأهله وما سيقع له من التفوق والانتشار، وما سيطرأ عليه من النقص والخلل والفتنة.
كما أن من المحقق أيضاً أن الراشدين من رجال هذه الأمة لم يعتبروا هذه مواعدات شخصية لذواتهم، ولا تعذيراً للنفس بترك العمل والمجاهدة والتصحيح المفترض، ولا حجة شرعية بتجاوز الأسباب وإغفال السنن.
حتى الموعودون بالجنة تبشيراً صادقاً لم يعن هذا لهم خروجاً على قانون الشريعة، ولا تنصلاً من الأمر والنهي، ولولا ما علم الله عنهم من الثبات على دينه ومحاذرة التجاوز ما كانوا أهلاً لذلك الوعد الكريم.
ومن الخلل المصاحب لهذا الضرب في الحياة الإسلامية المعاصرة اعتبار ضمان المستقبل لهذا الدين، وهذه الأمة تكأة للقعود والتواكل ومضغ الحديث مكتفين بأن دين الله منصور، بينما هو منصور بجهود مباركة زكت فيها النية وحالفها الصواب، وقرأت المعطيات وتذرعت بالأسباب.
ومن ذلك الغفلة الشديدة عن قراءة المقدمات والبوادر، والوقوع في أسر المفاجآت، والانسياق لردات الأفعال الوقتية العابرة دون أن نمتلك نظاماً فكرياً منهجياً جاداً، ولا رؤية موضوعية واعية، وربما صحّ هذا بإطلاق أو كاد، فالعالم الإسلامي بحكوماته ومؤسساته وتياراته يفتقر إلى مراكز الدراسات الحديثة التي تشكل "العقل المدبر" له.
وفي تقديري أنه حتى في الدوائر الأكثر تحديداً فثمت غياب مخيف للتفكير الاستراتيجي المستجمع للشروط.
وهذه دعوة إلى الجامعات العلمية والمؤسسات القادرة والتجمعات المهمومة بحاضر الأمة ومستقبلها أن تولي هذا الأمر اهتمامها، وأن تعنى بتربية شباب الأمة ورجالها على التفكير الواعي، وأن يجمعوا إلى الإخلاص الصواب.
والمسلمون اليوم يعايشون أزمات متلاحقة تضرب في جوانب حياتهم كلها بلا استثناء، وفي دولهم كلها بلا استثناء، ولعله يصح لنا أن نقول بثقة: إن الأزمة في حقيقتها مقيمة مستقرة في ذواتنا وشخوصنا، وما الأزمات الطارئة إلا بعض تجلياتها وآثارها، وكأن العالم الإسلامي في حالة مخاض متواصلة يجد متاعبها وآلامها، ويدفع ثمنها، ولكنه لا يشهد لها أثراً ولا يبصر لها نهاية .
وفي مثل هذه الحال يغدو التفريط والتساهل في دراسة المستقبل واحتمالاته ورسم الخطط المكافئة تفريطاً في الضروريات، وغفلة عما أوجب الله على العباد من التدبر والنظر والتخطيط، ولعل من أثر ذلك الانشغالات الجزئية بهموم خاصة عن هم الأمة الكبير.
ولعل من طريف ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في أوقات الحرج يسائل أصحابه:" هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ "، والرؤيا الصالحة هي أحد النوافذ إلى قراءة المستقبل إذا كانت على حد الاعتدال والتوسط، وسيرد عنها حديث خاص بإذن الله.
إنه لمن المدهش أن تجد في ظل غياب التفكير الجاد في أمر المستقبل؛ سواءً كان المستقبل الشخصي للفرد في حياته العملية والاقتصادية والاجتماعية، أو المستقبل العام للأمة أو مجموعاتها أن تجد حضوراً مذهلاً للكهنة والعرافين والمنجمين الذين يفيضون على الناس خليطاً من التجربة العادية، ومن وحي الشياطين، ومن الحدس والبراعة، ومن الخداع والاستغفال، ويتفننون في توظيف المشتركات البشرية؛ التي لا يخلو عنها أحد فيستهوون بذلك السذج والبسطاء، ويخدّرون عقول العامة، ويتقحّمون حرمة الغيب المصون: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)[النمل:65]، وهذا ما تجده في برامج الحظ والأبراج في القنوات الفضائية أو الإذاعات أو الصحف، وهو ما تجده أيضاً في الزوايا المظلمة التي يقبع فيها السحرة ومستخدمو الجن والمشعوذون حيث تذبح الأديان والعقول، وتهدر الأموال بلا حساب .
وللمرء أن يطول عجبه من أمر هذه الأمة في غفلتها عما أوجب الله عليها، وهجومها على ما حرّم، وانتهاك بعض منتسبيها لأستار الشريعة وادعاؤهم ما ليس لهم به علم .
إن المنطقة الإسلامية تمر بتحولات عميقة، ولا أزعم أن ثمت تغييراً شمولياً يتم تحضيره، لكن ربما تشهد المنطقة أحداثاً جادة، وأزمة مفتوحة يعلم الله وحده نهايتها، وقد يحق لنا أن نتحدث عن فترة انتداب جديدة، وعن فوضى قد تضرب أجزاء من المنطقة في جانب أو آخر .
وإذا كان هذا من الغيب، فهو من الغيب الذي جعل الله له مفاتيح تلتمس بدراسة المقدمات والأسباب، وقراءة الواقع في المنطقة ذاتها، وتحري أهداف السياسة الغربية، والأمريكية خاصة، في مرحلتها المقبلة والعوامل المؤثرة فيها، واستحضار التجارب المشابهة .
فهل يصحو المخلصون من سباتهم ويتفطنون لهذا، وهل يستمع المعنيون إلى أصوات الرشد؛ التي تدعو إلى تجاوز الماضي، ومواكبة الأحداث، وتطوير الذات، والامتثال لمخاطبات التغيير الناصحة المشفقة (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
أما فيما يخص علم التنجيم فإن المنجمة ليلى عبد اللطيف تتوقع حرب عالمية فى سنة 2025 وتقول أنها ليست شاملة لكل الدول وإنما تحدث فى بعضها دون بعض ؟ ولا كذبناها ولا صدقناها
وهذه بعض توقعاتها : أبرز توقعات ليلى عبد اللطيف لعام 2025
سقوط جسم غريب من السماء: ليلى عبد اللطيف توقعت أن يشهد عام 2025 حادثة غير تقليدية تتمثل في سقوط جسم غريب على إحدى الدول، ما سيتسبب في اشتعال حرائق واسعة وانتشار الذعر بين السكان.
موجات تسونامي ضخمة: من أبرز توقعاتها الكارثية هو حدوث موجات تسونامي ضخمة ستضرب دولًا عربية وأجنبية، ما قد يؤدي إلى دمار هائل في المناطق الساحلية. هذه التوقعات أثارت قلقاً كبيراً خاصة في ظل ارتباطها بالكوارث الطبيعية.
حدث مرعب في عرض البحر: أشارت ليلى إلى حدوث مشهد مرعب في البحر، سيبث الذعر بين الناس ويصبح محط اهتمام وسائل الإعلام العالمية، دون أن تقدم تفاصيل دقيقة حول طبيعته.
تحقق بعض توقعات ليلى عبد اللطيف السابقة
ليلى عبد اللطيف اكتسبت شهرتها نتيجة لتحقق بعض من تنبؤاتها السابقة، مثل انفصال فنانة شهيرة عن زوجها، وتعطل حركة الطيران في أوروبا خلال عام 2024ووصول بلد عربي الى نهائيات كأس العالم في قطر 2022 وغيرها الكثير. هذه الأحداث زادت من مصداقيتها أمام جمهورها، مما يجعل توقعاتها لعام 2025 محط اهتمام كبير.
أما توقعات شبكة الجزيرة القطرية التى اطلقت عليها توجهات فهي :
إن الدافع وراء إعداد هذا التقرير عن التوجهات الكونية سنة 2025 هو الحث على التفكير الإستراتيجي واستشراف المستقبل من خلال تحديد أهم التوجهات التي سيعرفها العالم والعوامل التي تقف وراءها، وكذا مساراتها وطرق التفاعل فيما بينها.
والتقرير، كما يصرح بذلك الساهرون على إنجازه، ليس محاولة للتكهن بما سيحدث، وإنما هو محاولة لوصف أهم العوامل التي من الممكن أن يكون لها دور مهم في تحديد معالم الحقبة الآتية وتشكيل طبيعة الأحداث التي سيكون لها تأثير بارز على الصعيد العالمي، وذلك من أجل تمكين صناع القرار من التدخل المبكر، إما لتغيير مجريات الأحداث باتجاه ما يرونه نافعا، أو لترسيخ هذه المجريات، درءا لما قد يكون أسوأ.
لقد أنجز هذا التقرير بعد سلسة من الدراسات والندوات واللقاءات. وحظي مجلس الاستخبارات الوطني، الجهة المشرفة على إنجازه، بدعم عدد كبير من مراكز البحث والمعاهد الأكاديمية ومئات الباحثين، سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها.
إن الدافع وراء إعداد هذا التقرير عن التوجهات الكونية سنة 2025 هو الحث على التفكير الإستراتيجي واستشراف المستقبل من خلال تحديد أهم التوجهات التي سيعرفها العالم والعوامل التي تقف وراءها، وكذا مساراتها وطرق التفاعل فيما بينها.
والتقرير، كما يصرح بذلك الساهرون على إنجازه، ليس محاولة للتكهن بما سيحدث، وإنما هو محاولة لوصف أهم العوامل التي من الممكن أن يكون لها دور مهم في تحديد معالم الحقبة الآتية وتشكيل طبيعة الأحداث التي سيكون لها تأثير بارز على الصعيد العالمي، وذلك من أجل تمكين صناع القرار من التدخل المبكر، إما لتغيير مجريات الأحداث باتجاه ما يرونه نافعا، أو لترسيخ هذه المجريات، درءا لما قد يكون أسوأ.
لقد أنجز هذا التقرير بعد سلسة من الدراسات والندوات واللقاءات. وحظي مجلس الاستخبارات الوطني، الجهة المشرفة على إنجازه، بدعم عدد كبير من مراكز البحث والمعاهد الأكاديمية ومئات الباحثين، سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها.
مع صعود الصين والهند وقوى أخرى، سيشهد العالم بروز نظام متعدد الأقطاب؛ كما سيزداد نفوذ وقوة الفاعلين الجدد، مثل القوى المتحكمة في التجارة، وبعض القبائل، والمنظمات الدينية وشبكات الإجرام". ويخلص التقرير انطلاقا من هذه المسلمة إلى الحديث عن تأثيرها المحتمل والذي يصفه كالتالي: "في حدود 2025، سينقرض "المنتظم الدولي" الأوحد والمكون من دول قومية. ومن المحتمل أن توزع القوة بين اللاعبين الجدد الذين سيحددون بدورهم قوانين لعبة جديدة، هذا في وقت ستتضاعف فيه مخاطر إضعاف التحالف الغربي التقليدي. فعوض محاكاة النماذج الغربية في التنمية الاقتصادية والسياسية، ستنحى العديد من الدول نحو النموذج الصيني متخذة إياه بديلا عن النموذج الليبرالي الغربي.
من "المسلمات النسبية" الأخرى التي يحاول التقرير أن يقف عند تأثيراتها المحتملة في سنة 2025، أن أسباب الصراع ستزداد بسبب التحولات السريعة في أجزاء من الشرق الأوسط الكبير، وكذا بسبب انتشار الأسلحة وما يعنيه ذلك من ارتفاع في القدرة على البطش والفتك والقتال. ويفيد التقرير بأن تأثير هذه المسلمة المحتمل هو أن تتعاظم حاجة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القيام بدور المُوازِن، على الرغم من أن قوى أخرى، مثل روسيا والصين والهند التي ستقوم بأدوار أكبر مما عليه اليوم سواء كان ذلك على الصعيد الإقليمي أو الدولي.
ومن المسلمات النسبية كذلك، المسلمة التي تفيد بأنه "من المستبعد أن يزول الإرهاب بحلول 2025، بالرغم من أن قوة جاذبيته قد يلحقها الضعف في حال استمرار النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وتقلص عدد العاطلين عن العمل وسط الشباب. أما بخصوص الإرهابيين النشطين، فإن انتشار التكنولوجيا سيساهم في وضع قدرات خطيرة في متناول أيديهم". وأما عن تأثير هذه المسلمة، فمن المحتمل أن "تتضاعف فرض الإرهابيين للقيام بهجمات قد تحدث خسائر جماعية جسيمة إما بواسطة أسلحة كيمياوية أو بيولوجية أو نووية، أو بفعل توسع البرامج النووية. إن النتائج العملية والتأثيرات النفسية لهذه الهجمات قد تتضخم في عالم يشهد عولمة مستمرة".
وأما بخصوص "أهم الشكوك" و"نتائجها الكامنة بالقوة"، فإن التقرير يطرحها على النحو الآتي:
هل من الممكن أن "يشهد العالم انتقالا في مجال الطاقة من البترول والغاز-انتقالا مدعوما بمخزون الطاقة المُحسَّنة/المطورة، والوقود الحيوي، والفحم النظيف - في حدود 2025؟ ومن النتائج التي قد تترتب على هذا الانتقال بالقوة، أن "كلا من روسيا وإيران سترفع بشكل ملحوظ مستويات قوتهما القومية، وأن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا يمكنه الاقتراب من الناتج المحلي الإجمالي لكل من فرنسا وبريطانيا. وأما الانخفاض المتواصل في الأسعار، مدعوما بالإقبال على مصادر جديدة للطاقة، سيكون انحطاطا وتراجعا على المدى البعيد في قدرة الدول المنتجة على القيام بدور عالمي أو إقليمي".
هل سيشهد الشرق الأوسط استقرارا، وبالأخص العراق، وهل سيحل النزاع العربي الإسرائيلي سلميا؟ ويرجح التقرير أن يظل الاضطراب سيد الموقف في جميع الأحوال. إن استئناف النمو الاقتصادي، مرفوقا بعراق أكثر استقرارا، وبحل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، كل هذا قد يساهم في توليد نوع من التوازن في وقت تحاول فيها المنطقة التعامل مع القوة الإيرانية المتعاظمة وانتقال العالم نحو طاقة جديدة متخليا عن البترول والغاز.
كل المؤشرات تدل على أن النظام الدولي الموروث عن حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية سيؤول إلى الزوال في 2025 بفعل القوى الجديدة الصاعدة، والاقتصاد المعولم، وكذا الانتقال النسبي للثروة والقوة الاقتصادية من الغرب إلى الشرق، ثم تنامي تأثير الفاعلين الجدد، غير الدول.
من المحتمل أن يتمركز التنافس الاستراتيجي حول التجارة والاستثمار والتجديد التكنولوجي وكذا اقتناء التكنولوجيا؛ لكن هذا لا يمنع من إمكان حدوث سيناريوهات القرن التاسع عشر مجددا، أي سيناريوهات السباق نحو التسلح والتوسع في الأراضي ثم التنافس العسكري.
من المستبعد أن يتجذر الصراع الإديولوجي، من قبيل الصراع الذي عرفته الحرب الباردة، في عالم تكون فيه معظم الدول منشغلة بمجابهة تحديات العولمة وتحالفات القوى العظمى المتغيرة باستمرار. بيد أن الإيديولوجيا ستحافظ على قوتها في العالم الإسلامي، خصوصا في شقه العربي؛ ففي الدول التي تتصارع مع القوى الشابة الصاعدة وتواجه ضعفا اقتصاديا، مثل باكستان وأفغانستان ونيجريا واليمن، من المرجح أن تحافظ السلفية الراديكالية على بريقها وتنمي قدرتها على الاستقطاب.
باختصار شديد، ماذا يمكن أن نقول عن المستقبل كما يبدو في تقرير مجلس الاستخبارات الوطني؟ إن جملة التوجهات الواردة في التقرير تشير إلى أن المستقبل سيتميز بالقطائع والتحولات وسيحمل الصدمات والمفاجآت. فمن هذه المفاجآت استعمال السلاح النووي وتفشي الأوبئة. ولعل حدوث مثل هذا الأمر يظل مؤكدا والمسألة هي مسألة زمن وليس أكثر. فهناك أمور حتمية لا تقبل الرجوع، مثل انتقال الطاقة؛ إذا جاز لنا أن نتساءل بخصوص وقوع هذا الانتقال، فهو تساؤل بخصوص زمن وقوعه ومدى حدته، لا غير. لقد وقع الانتقال من نوع من الوقود (الوقود الحجري) Fossil fuels إلى وقود بديل مرة واحدة في القرن العشرين.، وقد رافقت هذا الانتقال نتائج عظيمة. فالانتقال من الحطب إلى الفحم كان وراء التصنيع، أما اليوم، فإن الانتقال- خصوصا إذا كان انتقالا سريعا- من الوقود الحجري سيكون له انعكاسات قوية على منتجي النفط في الشرق الأوسط وأوراسيا، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار مستمر لبعض الدول ونهاية دورها كفاعل عالمي وإقليمي.
يبدو تقرير مجلس الاستخبارات الوطني محكوما بهاجس "سقوط الغرب" أو انزياحه عن مكان الريادة لصالح دول صاعدة مثل الهند والصين وروسيا والبرازيل. ويتوقع المساهمون في إنجازه تراجعا للدور الأمريكي عالميا. أما بخصوص أوربا، فيظل إدماج المسلمين وقضية الشيخوخة من القضايا الملحة على ما يذكر التقرير. فإدماج المسلمين قد يغني أوربا عن كثير من المتاعب، لكن الفشل في إدماجهم قد يؤدي إلى تراجع محقق. وفضلا عن هاجس السقوط والانزياح عن الريادة العالمية، فهناك هاجس العالم الإسلامي الذي يتوقع التقرير أن يظل على حاله، محكوما بالظروف نفسها التي كانت وراء صناعة الإرهاب والتخلف