
مساوء الكذب لا تعد ولا تحصى وهو من الكبائر التى الواحدة منها تجر صاحبها -والعياذ بالله- إلى النار، كما في الحديث المتفق عليه : " إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ." والكذب يؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله قال تعالى: ( قتل الخراصون ) أي لعن الكذابون، وقال (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) وهو من خصال أهل النفاق،
وإذا رأيت شخصا يكذب فأعلم أنه من أهل النار ونحن المواطنون نلتقي بالمسئول الكبير فى الحكومة ونطرح عليه قضية أو نقدم له طلب معين فى موضوع ويوافق عليه ويقول أنه سيقوم بذلك فى وقت كذا وكذا وأنه أمر بعض مساعديه أن يبدا إجرائات تنفيذ ذلك وفى عودتنا القادمة سوف نراه جاهزا كل هذا عبارة عن كذب تحملها هذا المسئول الكبير فى الدولة لا ندري لماذا وهو كان فى فسحة وفى راحة من تجرع الكذب إذا كان لا يقدر على القيام بذلك كان عليه أن يقولها بكل صدق للمواطن ويستريح هو ويستريح المواطن من تجشم الوعود الكاذبة
يقول الشاعر فى هذا الخصوص :
إذا قلت فى شيء نعم فأتمه
فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها
لئلا يقول الناس أنك كاذب
إن تعاليم ديننا الحنيف تحرم علينا الكذب فلماذا الكثير من مسئولي حكومتنا يكذبون علينا ويكذبون فى عملهم ويكذبون فى التقارير التى يقدمونها صحيح أن الكثير من المسئولين يعتاشون على الكذب والكثير من الناس يجمع المال عن طريق الكذب وهو لا يعلمون أن للكذب عقوبات فى الدنيا والآخرة يقول بعض العلماء فى هذا انعدام الراحة والأمن، وعدم الشعور بالطمأنينة:
فقد أخرج الترمذي والنسائي عن أبي الحَوْرَاء السعدي قال:
قلت للحسن بن علي رضي الله عنه: ما حفظتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدقَ طمأنينة، وإن الكذبَ ريبة))[1]؛ صحيح (الألباني في صحيح الترمذي: 2518) و(الإرواء: رقم 2074).
فالكذب: شك واضطراب، وقلق وإزعاج، وانعدام طمأنينة النفس، وعدم هدوء البال، وضيق في الصدر.
وجاء في "كتاب أدب الدنيا والدين" (ص: 267):
"وحيث إن الكذب جِماع كل شر، وأصل كل ذم؛ لسوء عواقبه، وخبث نتائجه؛ لأنه ينتج عنه النميمة، والنميمة تنتج البغضاء، والبغضاء تؤول إلى العداوة، وليس مع العداوة أمن ولا راحة". اهـ بتصرف.
ويقول ابن القيم رحمه الله كما في "الجواب الكافي" (ص: 106):
"وهل النعيم إلا نعيم القلب، وهل العذاب إلا عذاب القلب، وأي عذاب أشد من الخوف والهمِّ والحزن وضيق الصدر، وإعراضه عن الله والدار الآخرة، وتعلُّقِهِ بغير الله، وانقطاعه عن الله، بكل وادٍ منه شعبة؟ وكلُّ شيء تعلق به وأحَبَّه من دون الله عُذِّبَ به ثلاث مرات". اهـ بتصرف.
وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 124].
2- الكذب يُمرض القلب:
الكذب يؤدي إلى مرض القلب، والقلب المريض لا يشعر بالاطمئنان والسكينة، ونجد ذلك بوضوح في قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 8 - 10]؛ فالكاذب مريض القلب؛ لأن الكذب نقيض الصدق، والصدق يهدي إلى البر، والكذب يهدي إلى الفجور، والإنسان الفاجر يحيا في الآلام النفسية بما تصوره له نفسه الأمارة بالسوء على أنه سعادة"؛ (الكذب آفة العصر: ص: 13].
3- الكذب ينقص الرزق، ويمحق البركة:
فقد أخرج الأصبهاني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((برُّ الوالدين يزيد في العمر، والكذب ينقص الرزق، والدعاء يرد القضاء)).
وبوَّب البخاري في "صحيحه" بابًا بعنوان: "ما يمحق الكذب والكتمان في البيع"، ثم ساق الحديث الذي رواه حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((البَيِّعان بالخيار ما لم يتفَرَّقَا - أو قال: حتى يتَفَرَّقَا- فإنْ صدَقَا وبيَّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتمَا وكذَبَا، محقت بركة بيعهما)).
فبسبب شؤم التدليس والخداع والكذب؛ يزيل الله عز وجل بركة هذا البيع، فترى الكذَّاب يزداد ربحه، ولكن لا بركة فيه - نسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب، وأن يبارك لنا فيه.
4- الكذب سبب لابتعاد الملائكة، وحرمان بركتهم:
فقد أخرج الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا كذب العبدُ، تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به))؛ (قال الترمذي: "حديث حسن"، والراجح ضعفه).
5- الكذب سبب لابتعاد الناس ونفرتهم عنه:
فمَن تعوَّد على الكذب وعُرِفَ به، سقط من أعين الناس، وضاعت هيبته منهم، فتراه منبوذًا؛ إن قال لا يُصدَّق، وإن شفع لا يشفع، وإن خطب لا يخطب، وصدق القائل حيث قال:
إذا عُرِفَ الإنسان بالكذْب لم يزل
لدى الناس كذَّابًا ولو كان صادقَا
فإن قال لا تصغي له جلساؤه
ولم يسمعوا منه وإن كان ناطقَا
6- الكذب سبب للحرمان من نعمة الهداية:
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28].
ففي هذه الآية وعيد من رب العالمين لمَن يتجرأ على هذا الخُلُق البغيض، فتجد أن الكذَّاب محروم وبعيد عن هداية الله تعالى، بعيد عن الصراط المستقيم؛ لأنه اختار الطريق المعوج المظلم؛ طريق الكذب، فكان الجزاء من جنس العمل.
7- الكذب سبب للطرد من رحمة الله تعالى:
قال تعالى: ﴿ ... ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِين ﴾ [آل عمران: 61].
فالكذَّاب مطرود من رحمة الله تعالى.
8- الكذب يهدي إلى الفجور، وصاحبه متوعد بالنار:
وقد مرَّ بنا الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذبُ ويتحرَّى الكذب؛ حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا)).
وفي الحديث إشعار بسوء خاتمة الكذَّاب، الذي يتكرر منه الكذب وأصبح الكذب عادته، فهذا يُكتَب عند الله كذَّابًا، فإذا كان ذلك كذلك، فالعاقبة وخيمة.
ونلاحظ في الحديث السابق لهجة التحذير والتخويف في قوله: "إياكم"؛ لماذا؟ لأن الكذب يؤدي إلى الفجور، وأصل الفجور كما قال الراغب: "يعني: الشق"، فالفجور شق في ستر الديانة، ويطلق على الميل إلى الفساد، وعلى الانبعاث في المعاصي، وهو اسم جامع للشر؛ (فتح الباري: 10 /524).
والفجور: هو الميل عن الحق والاحتيال في رده، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والكذب)) يعني: ابتعدوا عنه واجتنبوه، وهذا يعم الكذب في كل شيء، ولا يصح قول من قال: "إن الكذب إذا لم يتضمن ضررًا على الغير، فلا بأس به"؛ فإن هذا قول باطل؛ لأن النصوص ليس فيها هذا القول، والنصوص تحرِّم الكذب مطلقًا؛ يعني: إذا كذب الرجل في حديثه، فإنه لا يزال فيه الأمر حتى يصل إلى الفجور - والعياذ بالله - وهو الخروج عن الطاعة والتمرد والعصيان؛ (شرح رياض الصالحين