
حكم الجاهلية هو كل حكم لا يستند على شرع الله الذي أنزل فى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ولايطبق سنة رسول الله فى أحكام الدين والمال ونحن المسلمون لا نطبق إلا ما جاء من عند الغرب الفاجر والفاسق فالنذهب إلى القرآن العظيم لنرى ماذا جاء فيه :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم
وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ
هذه الآية الكريمة تخصنا نحن المسلمون وتلزمنا بتطبيق حكم الله الذي نزل به القرآن العظيم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد جاء بعدها مباشرة قوله تعالى أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون كان ذلك بعد نزول الآيات التى تحذراليهود والنصارى عند قوله تعالى من حكم الجاهلية وتحثهم على الألتزام بما نزل فى التوراة والإنجيل :
إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
وواضح من الآيات من هذه السورة أنه من لم يحكم بما أنزل الله يتراوح بين الكفر والظلم والفسوق والعياذ بالله وهذه جملة من بعض ما ذكر المفسرون حول اسباب نزول هذه الآيات من سورة المائدة
قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن العباس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : إن الله أنزل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( فأولئك هم الظالمون ) [ المائدة : 45 ] ( فأولئك هم الفاسقون ) [ المائدة : 47 ] قال : قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية ، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق ، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما ، لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويومئذ لم يظهر ، ولم يوطئهما عليه ، وهو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة إلى الذليلة : أن ابعثوا لنا بمائة وسق ، فقالت الذليلة : وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ، ونسبهما واحد ، وبلدهما واحد : دية بعضهم نصف دية بعض . إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، وفرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، ثم ذكرت العزيزة فقالت : والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم ، فدسوا إلى محمد : من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه . فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمرهم كله ، وما أرادوا ، فأنزل الله تعالى : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) إلى قوله : ( الفاسقون ) ففيهم - والله - أنزل ، وإياهم عنى الله عز وجل .
ورواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه ، بنحوه .
وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا : حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن الآيات في " المائدة " ، قوله : ( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) إلى ( المقسطين ) إنما أنزلت في الدية في بني النضير وبني قريظة وذلك أن قتلى بني النضير كان لهم شرف ، تؤدى الدية كاملة ، وأن قريظة كانوا يودون نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله ذلك فيهم ، فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق في ذلك ، فجعل الدية في ذلك سواء - والله أعلم ؛ أي ذلك كان .
ورواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث ابن إسحاق .
ثم قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا عبيد الله بن موسى عن علي بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : كانت قريظة والنضير وكانت النضير أشرف من قريظة فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به ، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة ودي مائة وسق تمر . فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا : ادفعوه إلينا فقالوا : بيننا وبينكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فنزلت : ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط )
ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم في المستدرك ، من حديث عبيد الله بن موسى بنحوه .
وهكذا قال قتادة ومقاتل بن حيان وابن زيد وغير واحد .
وقد روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس : أن هذه الآيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا ، كما تقدمت الأحاديث بذلك . وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد ، فنزلت هذه الآيات في ذلك كله ، والله أعلم .
ولهذا قال بعد ذلك : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) إلى آخرها ، وهذا يقوي أن سبب النزول قضية القصاص ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال البراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وابن عباس وأبو مجلز وأبو رجاء العطاردي وعكرمة وعبيد الله بن عبد الله والحسن البصري وغيرهم : نزلت في أهل الكتاب - زاد الحسن البصري : وهي علينا واجبة .
وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال : نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضي الله لهذه الأمة بها . رواه ابن جرير .
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا يعقوب حدثنا هشيم أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال : من السحت : قال : فقالا وفي الحكم ؟ قال : ذاك الكفر ! ثم تلا ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )
وقال السدي : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) يقول : ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا ، أو جار وهو يعلم ، فهو من الكافرين [ به ]
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر . ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . رواه ابن جرير
إذن حكم الله مبين فى الكتاب والسنة ونحن المسلمون ملزمون بأتباعه وتطبيقه وبنبذ حكم الجاهلية واحكام القوانين الوضعية فى النفس والدين والمال بالنسبة لحكم الله فى الدماء والقصاص واضح أننا نحكم بحكم الجاهلية وكذلك فى الجنايات والجنح ومعاقبة الزاني والسارق فهذه احكامها مبينة وواضحة فى القرآن العظيم والسنة النبوية ونحن لا نطبق منها شيء وإنما نحكم فيها بحكم الجاهلية كذلك حكمنا فى المال فهو اسوء حكم جاهلي على وجه الإرض لأنه لا علاقة له بطريقة صرف المال من الناحية الشرعية وقوانين المالية الماخوذة من المستعمر الفرنسي لا علاقة لها بشرع الله ولا بحكم المال فى الإسلام